+ A
A -
لم يستبعد مراقبون وصول عمليات التجميع المستعرة للجنيه الاسترليني عالمياً إلى السوق المحلي، لافتين إلى أن انخفاض سعر صرف الجنيه الاسترليني مقابل الدولار والعملات المرتبطة به يشكل فرصة ذهبية للمضاربين على العملات، مؤكدين أن انخفاض الجنيه الاسترليني حالياً بنسبة 10 % فعلياً مع توقعات ببلوغ تراجعه 20% يمثل عاملاً محفزاً لتجميع «الاسترليني» في السوق المحلي على أن يقوم المضاربون ببيعه لاحقا مع تحسن أسعاره مستقبلاً.
وأوضحوا لــ الوطن الاقتصادي أن حائزي الاسترليني حالياً تكبدوا خسائر تعادل قيمة الهبوط بنسبة 10 % مع توقعات بانخفاض أكبر، غير أن المراقبين توقعوا استعادة الاسترليني لعافيته مجدداً وهو ما يراهن عليه المضاربون ومن المتوقع أن يشهد طفرة فيما بعد لجهة أن العملة البريطانية ترتكز على اقتصاد متين وقوي إلى جانب لندن كمركز مالي عالمي.


وفي التفاصيل قال المحلل المالي سعيد الصيفي إن استفتاء بريطانيا أحدث زلزالا كبيرا بالأسواق العالمية وللجنيه الاسترليني أيضاً، مشيراً إلى أن الانفصال نفسه ليس في مصلحة البريطانيين بدليل حالة الارتباك الحالية التي تسود الشارع البريطاني وما يجري من دعوات لتنظيم استفتاء مضاد يطالب بالبقاء في الاتحاد، وأضاف «البريطانيون لم يروا غير النقطة السوداء في الثوب الأبيض»، نظروا لأزمة المهاجرين بعيداً عن الأزمات الأخرى.
وقال الصيفي إن انخفاض الجنيه الاسترليني حالياً يعتبر فرصة للمضاربين في مجال العملات بالسوق المحلي، وأضاف «لو كنت مضارباً بالعملة لأشتريت»، مشيراً إلى أن خروج بريطانيا سيجعل الجنيه الاسترليني أضعف نظرا لعدم وضوح الطريقة التي ستتفاوض فيها بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي على الصفقات التجارية المستقبلية موقتاً، لافتاً إلى أن الجنيه الاسترليني خسر نحو 10 في المائة من قيمته بمجرد الإعلان عن نتيجة الاستفتاء صباح الجمعة الماضي، وهو أدنى مستوى له منذ أكثر من 30 عاما، ومن المتوقع بعد خروج بريطانيا أن يشهد سعر الاسترليني تغيراً مقابل اليورو.
وأشار الصيفي إلى أن من يمتلكون الاسترليني حتى قبيل الاستفتاء سيتحملون خسائر انخفاض العملة، خصوصاً مع الانخفاض الكبير في قيمته، وأن من يملك أي ثروة خسر نحو 10 في المائة من قيمتها منوهاً إلى أن الأرباح الجيدة ستكون من نصيب المضاربين، ومن يشتري بكميات كبيرة خلال الفترة الحالية سيكسب لاحقاً، وفي الوقت ذاته أن الأفراد المضاربين ومؤسسات الصيرفة أمامها فرصة للشراء توقعاً للربح في الفترة المقبلة مع تحمل المخاطر المحتملة.
سعر الصرف
من جانبه يقول بروموث مانغات، الرئيس التنفيذي – لشركة الإمارات العربية المتحدة للصرافة في تصريح صحفي حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبيّ، «إن قرار الشعب البريطانيّ بالتصويت للخروج من الاتحاد الأوروبيّ جعل أسواق البورصة تهتز في مختلف دول العالم. كما أن القرار قد أثّر بشكل كبير على سعر صرف الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأميركي وحتّى مقارنة بالريال القطري.
وأضاف إن ضعف الجنيه واليورو مقابل قوّة الدولار سيؤثّر على حركة السياحة وقطاع العقارات اللذين يُعتبران من أهم القطاعات في بريطانيا وأوروبا. من جهة أخرى فإن الروبية الهندية قد انخفضت أيضا مع انخفاض الجنيه الاسترليني مما قد يؤثّر إيجابيا على التحويلات الماليّة إلى الهند. وأخيرا، فإن هذا القرار سيكون له تداعيات على عالم الأعمال والسياسة والنسيج الاقتصادي والاجتماعي في دول أوروبا بشكل عام وفي بريطانيا بشكل خاص.
ترقب حذر
وفي السياق ذاته يقول أحد المضاربين في مجال الصيرفة المحلي فضل حجب اسمه، أن المضاربين يترقبون بحذر تقلبات أسعار صرف العملات «اليورو والاسترليني»، وأضاف أن السوق يشهد حالة أشبه بعمليات شراء وتجميع لـ«الاسترليني»، مشيراً إلى أن التوقعات تشير إلى مرحلة انتظار ربما قصيرة نسبياً إلى ما يقارب فترة الأشهر الستة، وهي مرحلة الانتظار لحين بدء تحسن الأوضاع ووضوح الرؤية بشكل كامل وتحسن الأوضاع، وبالتالي يتيح هذا الأمر في مرحلة لاحقة لمن جمع أكبر قدر من الجنيه تحقيق متوسط ربح جيد في فترة ستكون قصيرة نسبياً، بعدما تتخذ بريطانيا إجراءاتها لامتصاص صدمة قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي.
تقلبات السوق
لكن في المقابل يقول مجدي حسين أحد العاملين بقطاع الصيرفة المحلي إن الوضع غير مطمئن وتقلبات السوق يصعب التنبؤ بمستقبلها ومستويات الانكشاف على المخاطر كبرى.. غير أنه أقر بوجود فرصة للمضاربة على الاسترليني في السوق المحلي فكما هو واضح أن الجنيه الاسترليني قد هبط في أسوأ أداء له من الأزمة العالمية والتي من المتوقع أن يشهد المزيد من الهبوط على المدى المتوسط لعدة أسباب اقتصادية منها انخفاض أسعار النفط وضعف التضخم كما أحدث الخروج توترات وتخوفات وربكة في الساحة ساعدت في تفاقمها بالإضافة إلى سرعة وتيرة الهبوط.
وأشار حسين إلى أنه بات من غير المستبعد أن تستغل المؤسسات المالية التي سيعمل الخروج من الاتحاد الأوروبي على الإضرار بها استخدام أدواتها في الأسواق المالية والضغط على الجنيه الاسترليني من أجل تحقيق هدفها وتأمين مستقبلها في ظل أجواء عالمية متقلبة وساخنة إلا أنه يجب الحذر من عمليات تجميع الأرباح والتي يتم استغلالها هي الأخرى كما حدث في استفتاء انفصال اسكتلندا خلال سبتمبر 2014.
أكثر تشاؤماً
وفي السياق ذاته، يقول مبارك مصطفى: إن الأوضاع الاقتصادية أصبحت أكثر تشاؤما في بريطانيا بعد الحديث عن رفع الفائدة خلال النصف الثاني من 2016 أصبح الحديث يتوجه إلى خفض الفائدة وتعزيز برنامج شراء الأصول لدعم الاقتصاد لضعف أداء الأسواق منذ بداية العام والتخوفات من تزايد حدة الأزمة عقب خروج بريطانيا، بجانب أسعار النفط التي تنخفض مع مرور الوقت رغم الصعود النسبي لها لكنها لم تستقر على سعر معين، والتي لها أثر على شركات النفط البريطانية بصورة قوية ونلاحظ أنه بعد استفتاء اسكتلندا الذي أفشل مساعي الانفصاليين في اسكتلندا بالانفصال إلا أن الأسواق مازالت متضررة منه حتى الآن مما يبعث على تخوفات أكبر جراء انفصال بريطانيا.. ويضيف قائلاً «من الواضح الأزمة مازالت ضبابية ويكتنفها الغموض».
وقال مصطفى: إنه ومن المتوقع أن يكون لاستفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي نفس الأثر بحيث يجعل فرصة للصعود هي فرصة للبيع، حيث من المتوقع أن يستمر هبوط الجنيه الاسترليني طبقا للتحليلات إلى مستويات 1.3 أمام الدولار الأميركي وأن يصعد اليورو أمام الجنيه الاسترليني إلى مستويات 0.85 بجانب هبوط مؤشر FTSE100 إلى مستويات 5000 نقطة.
وفى ذات منوال تداعيات انفصال بريطانيا عن الأوروبي، أقدمت المملكة العربية السعودية على مراجعة استثماراتها المقوّمة باليورو والاسترليني، وقال محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، الدكتور أحمد بن عبدالكريم الخليفي: إن المؤسسة ومنذ فترة تتابع تطورات توجه المملكة المتحدة للخروج من الاتحاد الأوروبي، تحوطاً لما قد يكون عليه من أثر على أسواق المال.
وأشار إلى أن المؤسسة قامت بمراجعة سياستها الاستثمارية في ما يخص الأصول المقومة باليورو والجنيه الاسترليني، وذلك في ضوء التطورات الاقتصادية والسياسية، كما أنها أجرت بعض التعديلات في حينه. وأضاف أنه من المبكر الحكم على الأثر الدائم لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي سواء على اقتصادها أو على اقتصاد الاتحاد الأوروبي، وبالتالي على أسواق المال والاستثمار. كما توقع أن يكون الأثر على القطاع البنكي محدوداً، وذلك نظراً لمحدودية انكشافه على هاتين العملتين.
ويرى بعض الخبراء والمحللين إلى أن أغلب استثمارات البنوك والمؤسسات القطرية مقومة بالدولار، في حين أن الانكشاف على الجنيه الاسترليني واليورو منخفض، مؤكدين ضعف تأثير انفصال بريطانيا على الاقتصاد الوطني نتيجة ضعف انكشاف البنوك والمؤسسات الوطنية على الجنيه الاسترليني.
copy short url   نسخ
27/06/2016
2502