+ A
A -
-سما حسن
توصلت دراسة بريطانية أجراها أحد مراكز الصحة النفسية في مانشستر وذلك بعد بحث استمر لعدة سنوات إلى أن الأغنياء الذين كانوا في أصلهم فقراء هم الأكثر استعداداً لمساعدة الآخرين، بعكس الأغنياء الذين ورثوا ثرواتهم عن الآخرين سواء كانوا من الآباء أو الأقارب فهؤلاء لا يميلون لمساعدة الغير، وفي قلوبهم قسوة ظاهرة على الفقراء.
خلصت هذه الدراسة إلى هذه النتائج عندما استمعت لقصص ثراء مختلفة، فالأغنياء الذين ورثوا الثروة عن غيرهم تجدهم الأحرص عليها، ولا يفكرون في الإنفاق أو حتى التبرع للفقراء وإقامة المشاريع الخيرية فهم يرون أن هذه الثروات من الصعب تعويضها، ولا توجد لديهم مؤهلات لاستثمارها، فيما نرى على الجانب الآخر أن الأغنياء الذين تعبوا واجتهدوا في جمع ثرواتهم لديهم خصلة العطاء والبذل، ويمدون أيديهم لكل محتاج فنسبة ثقتهم في أنفسهم عالية، وهم يرون أن أي فقدان لجزء من الثروة سوف يعوضونه بالعمل والاستثمار من الجديد.
تذكرني هذه الدراسة بفيلم عربي قديم عن الحلاق الذي كان فقيراً وورث ثروة من قريب له كان يتسول من الناس، ويعيش معيشة الضنك لجمع المال، فكشف عن وجهه الآخر حين طالبه الفقراء الذين كان مثلهم بالأمس أن يساعدهم ويقف إلى جوارهم للحصول على حقوقهم من أصحاب المصنع الذي يعملون به بأجور متدنية، فاستهجن طلبهم وعاداهم ورأى أنهم شرذمة من الحاقدين المستغلين وهو الذي كان بالأمس القريب يطالب بحقوق الفقراء حين كان فقيراً ويرى الأغنياء حفنة من المستغلين.
وربما لم تأت هذه الدراسة على جانب مهم بالنسبة لأحوال الفقراء والأغنياء، وهو ما نراه ماثلاً في الحياة العامة بصورة واضحة، فالفقير الذي قلبت له الدنيا ظهر المجن وقد كان ثرياً نراه ما زال يملك الحرص على العطاء حتى آخر رمق، وهذه الفئة قليلة ونادرة، وتتطابق مع قول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه والذي جاء فيه «لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل، وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل».
والمؤكد بعد الدراسة البريطانية ومقولة الإمام علي أن من اعتاد على العطاء من الصعب أن يتوقف مهما دارت به الأيام.
copy short url   نسخ
26/11/2017
1341