+ A
A -
الدوحة قنا/ قبل أكثر من مائتي عام أصدر الأديب الألماني يوهان فون غوته "الديوان الغربي-الشرقي" الذي استوحى قصائده من الأدب والشعر الشرقي والمعلقات الشعرية العربية، لتأتي دولة قطر بعد قرنين من الزمان لتعيد هذا الثراء الأدبي، عبر بوابة "الديوان"، وهو الاسم الذي أطلق على البيت الثقافي العربي في العاصمة الألمانية برلين.

وافتتح "الديوان" في نوفمبر 2017 بمشاركة سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وسعادة السيد زيغمار غابرييل وزير الخارجية الألمانية آنذاك، تتويجاً لفعاليات العام الثقافي قطرـ ألمانيا 2017.

وقالت السيدة أسماء بنت محمد البكر، سكرتير أول ومسؤول الشؤون الثقافية بسفارة دولة قطر لدى جمهورية ألمانيا الاتحادية والبيت الثقافي العربي "الديوان" ببرلين، إن الزيارة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله" في السادس من سبتمبر عام 2018 إلى البيت الثقافي العربي "الديوان"، أعطت دفعة قوية للبيت الثقافي، خاصة أنه كان حينها لا يزال يقطع أولى خطواته.

وأشارت، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إلى أن لقاء حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى بعدد كبير من السفراء العرب في برلين أطّر لموقع البيت الثقافي بوصفه بيتاً جامعاً للعرب في ألمانيا، وهو ما انعكس إيجاباً على مستوى الفعاليات التي تم تنظيمها بالتعاون مع بعض سفارات الدول العربية في برلين، منوهة إلى أن هذه الزيارة أتت لتعبّر عن مدى الأهمية التي توليها دولة قطر لتعزيز العلاقات الثقافية، لما لمثل هذه العلاقات من آثار إيجابية على السلم العالمي.

وأنشئ "الديوان" من قبل دولة قطر بهدف تعزيز التواصل والتفاهم بين العرب والألمان، من خلال نشر الثقافة العربية وإطلاع المتلقي الألماني، والأوروبي بشكل عام، على الدور الثقافي الحضاري والإنساني للعرب في مختلف العصور.

وأضافت السيدة أسماء أن فكرة إنشاء "الديوان" نابعة من حقيقة إدراك دولة قطر لدور الثقافة في مد جسور التواصل البشري والحضاري والحوار والتفاهم، حيث إن الثقافة تلعب دوراً محورياً في التعرّف على الآخر، وفهم وجهات نظره، والتحديات التي يواجهها، خاصة أن التطور الرقمي الذي نعيشه اليوم يتطلب بالضرورة تعزيز قيم الحوار الثقافي والتفاهم المتبادل.

وعن مدى تعبير "الديوان" عن الثقافة القطرية خاصة والثقافة العربية عامة من خلال الأنشطة والفعاليات التي يقيمها، وكذا إسهام المثقف القطري في هذه الفعاليات، قالت إن الثقافة القطرية جزء لا يتجزأ من الثقافة العربية، والبيت الثقافي "الديوان" يعمل، من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية، على خلق حالة من الحوار والتفاعل بين الجالية العربية والجمهور الألماني، حيث تغطي الفعاليات جزءا كبيرا من عناصر التبادل الثقافي، من معارض فنية وفوتوغرافية، ورسم ومسرح وموسيقى وأفلام.

وبخصوص التعاون المشترك بين "الديوان" ومتاحف قطر، والتنسيق مع مؤسسات الدولة الثقافية، شددت السيدة أسماء بنت محمد البكر على الدور الهام للمتاحف في التقريب بين الشعوب، ودعم العلاقات الدولية، إذ تستعين بها الدول في تعزيز مكانتها وتوطيد علاقاتها مع العالم الخارجيّ، وذلك عبر انفتاحها على العالم واحترامها لثقافاته، وهو ما يترتب عليه نقل المعرفة والاستفادة من تجارب الأمم الأخرى وفتح آفاق للتعاون الثقافي، إلى غير ذلك من أشكال التعاون.

وقالت في هذا الصدد: "تجربتنا مع متاحف قطر في سلسلة الحلقات النقاشية التي عقدت العام المنصرم، عبر التعريف بكل متحف وما يقابله من متحف مشابه في ألمانيا، والتعريف برسالة كل متحف على حدة، والأهداف التي أنشئ من أجلها، بما يسهم في تحقيق هدفنا الأسمى وهو مد الجسور والتقارب بين الثقافتين الألمانية والقطرية".

وعن التعاون العربي وأبرز مجالات الاهتمام في "الديوان"، قالت السيدة أسماء بنت محمد البكر: "من المؤكد أن تضافر جهود الدول العربية في المجال الثقافي لا يزال دون المأمول للأسف، وهو ما ينعكس بالضرورة على العمل الثقافي للسفارات العربية في الخارج. وهو الأمر الذي نلمسه كذلك في برلين، حيث لا يوجد اهتمام من جميع الدول العربية بالشأن الثقافي، ناهيك عن غياب استراتيجية عربية مشتركة أو متجانسة.

وبالنسبة لنا فإننا منفتحون على جميع صيغ التعاون والعمل المشترك مع السفارات والجمعيات العربية في ألمانيا. وقد نظمنا في الواقع العديد من الفعاليات المشتركة الناجحة مع سفارات بعض الدول العربية، ومنها سفارتا المغرب والسودان على سبيل المثال لا الحصر".

وعن تقييم استجابة الجمهور الألماني وخاصة المثقفين وتفاعلهم مع أنشطة "الديوان"، أكدت أن هناك اهتماما متزايدا بالأنشطة والفعاليات التي يتم تقديمها في البيت الثقافي العربي.

وقالت: "اضطررنا للأسف إلى تخفيض عدد وحجم فعالياتنا طوال الفترة الماضية بسبب وباء كورونا، إلا أننا بدأنا العودة تدريجياً إلى الحياة الطبيعية، مع تخفيف القيود الاحترازية، واستقبلنا العديد من الطلبات من الفنانين والمعنيين بالشأن الثقافي لإقامة فعاليات ومعارض خاصة بهم في مقر الديوان. وتم بالفعل إقامة معرض لفنانة تشكيلية ألمانية وكان المعرض مستوحى من الثقافة القطرية".

ومن جانبها، رأت الطالبة القطرية المبتعثة لألمانيا غريسة المفتاح أن "الديوان" يعد من أجمل المباني التاريخية في حي تسيهليندورف بالعاصمة الألمانية برلين، حيث قامت سفارة دولة قطر بترميمه وإعادة تأهيله والمحافظة على الطابع التاريخي له، ومن ثم تحويله إلى بيت ثقافي عربي يهدف إلى تعزيز العلاقات العربية الألمانية وتقريب الثقافات ومد جسور التواصل بينها ويسلط الضوء على القواسم المشتركة بين الشعوب والتعريف بالثقافة العربية في مجال الأدب والموسيقى والسينما.

وأضافت غريسة، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن "الديوان" يضم مكتبة ضخمة تحمل الثقافة العربية الغنية الجميلة، كما أنه يستقبل الكثير من المسؤولين والمثقفين وممثلي الجامعات والمراكز الفكرية والبحثية في ألمانيا المهتمين بالشأن الثقافي العربي وحوار الحضارات..

مشيرة إلى أنها ارتبطت كثيرا بالمكتبة الموجودة في بيت ديوان العرب الثقافي لما تحتويه من كتب تاريخية نادرة ذات ثقافات ولغات عديدة وفي مجالات مختلفة. ولفتت إلى أن الاطلاع على هذه الكتب أدى إلى تحسين معرفتها بالتاريخ العربي، ما أعطاها الدافع للمساعدة عن طريق جمع وتنظيم وفهرسة موارد المكتبة من كتب ومجلات وجرائد ووثائق والحفاظ على سجلات المكتبة وإدارة الكتب والوسائط الإلكترونية والكثير من المهام الإدارية الأخرى.

وحول الخدمات الأخرى التي يقدمها البيت الثقافي العربي في ألمانيا، قالت غريسة التي تدرس العلوم السياسية والتاريخ في كلية "جاكوب" بألمانيا: "ساعدني برنامج التدريب الداخلي في البيت الثقافي العربي في فترة الصيف على اكتساب مهارات عملية ومعرفية وخبرات تأهلني لمتطلبات سوق العمل، وكانت مدة البرنامج 8 أسابيع يتم تكليف الدارس فيها بالعديد من المهام تحت إشراف أحد المختصين".

copy short url   نسخ
20/05/2022
663