+ A
A -

الدوحة /قنا/ يشهد مقر الأمم المتحدة، كل عام ومع بدايات الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة عادة توافد آلاف الأشخاص من رؤساء دول وحكومات وكبار المسؤولين وممثلي المجتمع المدني والصحفيين وغيرهم، في ظل إجراءات أمنية مشددة حول المبنى وداخله.. ولكن هذا العام دفعت جائحة كورونا "كوفيد-19" الأمم المتحدة، بالاتفاق مع أعضائها، إلى فرض قيود من نوع آخر لتنفيذ التعليمات الطبية المتعلقة بالتباعد الاجتماعي للسيطرة على انتشار المرض وحماية الصحة العامة، ليشهد عام الاحتفال بالذكرى الـ75 لإنشاء الأمم المتحدة، شكلا غير مسبوق للأسبوع رفيع المستوى.
ولأول مرة بتاريخ الأمم المتحدة لن يظهر معظم قادة العالم بصورة شخصية، أمام الجمعية العامة، لكنهم سيلقون خطاباتهم عبر فيديوهات مسجلة وستبث الاجتماعات عبر الإنترنت.
ويبدأ في وقت لاحق اليوم الاجتماع رفيع المستوى، للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة.. على أن تبدأ غدا /الثلاثاء/ المناقشة العامة للدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تمثل محور أي دورة جديدة للجمعية العامة، وهي مناسبة فريدة من نوعها على مستوى العالم، يعتلي فيها رؤساء الدول والحكومات أو نوابهم أحيانا منصة قاعة الجمعية العامة لمخاطبة العالم بشأن قضية من اختيارهم.
ومن المنتظر أن تتركز خطابات القادة والرؤساء أمام الجمعية العامة حول أبرز الأزمات والصراعات الدولية الراهنة، والقضايا التي تهم الأسرة الدولية وتتطلب تظافر الجهود وحشد الطاقات لمواجهتها وفي مقدمتها جائحة كورونا /كوفيد-19/ وتداعياتها المختلفة، بالإضافة إلى قضية المناخ والإزالة الكاملة للأسلحة النووية ومكافحة الإرهاب.
وانطلاقاً من إيمان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بأهمية الأمم المتحدة ورسالتها السامية، يشارك سموه /حفظه الله/ في اجتماعات الدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والاجتماع الرفيع المستوى للاحتفال بالذكرى السنوية الـ75 لتأسيس الأمم المتحدة، واللذين يعقدان بمقر المنظمة بمدينة نيويورك، عبر تقنية الاتصال المرئي، وسيلقي سمو الأمير المفدى كلمة في الاجتماع الرفيع المستوى في وقت لاحق اليوم /الاثنين/، كما يلقي سموه خطابا في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الدورة الخامسة والسبعين يوم غد /الثلاثاء/، وينتظر أن يتناول خطابا سمو الأمير المفدى، ثوابت السياسة القطرية، ومواقف الدولة تجاه أبرز القضايا والملفات المحلية والعربية والدولية الراهنة.
وتعكس مشاركة سمو أمير البلاد المفدى بهذه الدورة حرص سموه على مشاركة دولة قطر بكافة الفعاليات والحوارات واللقاءات الدولية، والتي تهدف بالمقام الأول للتشاور وتبادل الآراء ووجهات النظر تجاه القضايا والموضوعات والملفات الساخنة على الساحتين الإقليمية والدولية، ومناقشة سبل التصدي للتحديات التي تواجه البشرية والتنمية في جميع أنحاء العالم، والجهود الرامية لإحلال السلام وكفالة حقوق الإنسان بكل مكان.
وتوقع الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش أن تشهد المناقشة العامة التي تستمر حتى التاسع والعشرين من الشهر الجاري مشاركة أكبر عدد ممكن من رؤساء الدول والحكومات للإدلاء ببياناتهم عبر الفيديو، وقد تم إدراج اسم الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو باعتباره المتحدث الأول، وعادة ما تكون الولايات المتحدة هي المتحدث الثاني في يوم افتتاح المناقشة العامة، وتضم قائمة المتحدثين المؤقتة العديد من أسماء الزعماء والقادة بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الإيراني حسن روحاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقد افتتحت بقاعة الجمعية العامة، مساء الثلاثاء الماضي بنيويورك، الدورة الخامسة والسبعون للجمعية العامة للأمم المتحدة، بتأكيد رئيس الجمعية، فولكان بوزكير، على أهمية العمل متعدد الأطراف في مواجهة التحديات الجماعية وعلى رأسها جائحة كورونا.
وأوضح الدبلوماسي التركي بخطابه الافتتاحي إن الدورة الجديدة، ستشهد انعقاد جلستين خاصتين، واحدة حول كوفيد-19، أما الثانية فستخصص لموضوع مكافحة الفساد، مشيرا إلى أن ولايته ستركز على سبيل المثال لا الحصر، على مراجعة استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، والاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لمؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية، والتحضير لمؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا، والاجتماع رفيع المستوى بشأن أهداف وغايات خطة عام 2030 المتعلقة بالمياه، ومؤتمر المحيطات لدعم تنفيذ الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة، وكذلك تنشيط عمل الجمعية العامة وإصلاح مجلس الأمن.
ومن جهته أكد الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش على أن الجمعية العامة ستواصل عملها عبر مجموعة كاملة من التحديات العالمية، تشمل السلام والأمن، ونزع السلاح، وحقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، والتنمية المستدامة. وأضاف غوتيريش أن العالم لديه توقعات كبيرة من المنظمة الدولية، بصفتها المنبر الرئيسي للتعددية والتعاون في نظام دولي قائم على القوانين.. مؤكدا الحاجة إلى تعددية أكثر تشابكا وشمولا لتتناسب مع القرن الحادي والعشرين، مرحبا بتعهد الجمعية العامة بالعمل على توطيد الثقة والتلاحم بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمجموعات الرئيسية من الدول والمنظمات الدولية الأخرى.
وقبل أيام من افتتاح الدورة الجديدة للجمعية العامة أكد الأمين العام على أنه سيكرر النداء الذي وجهه خلال مارس الماضي، بشأن وقف عالمي لإطلاق النار خلال اجتماعات الجمعية العامة، وفي كلمة بمناسبة اليوم الدولي للسلام الذي يصادف اليوم، شدد الأمين العام على الحاجة لإسكات البنادق، والتركيز على الفيروس .. داعيا للتصدي لأوجه الضعف وعدم المساواة التي تعمل ضد السلام، وللدفع من أجل السلام حيثما كان الصراع محتدما وحيثما توجد فرص دبلوماسية لإسكات البنادق، والعمل من أجل بناء مستقبل أكثر أمانا للجميع.
وفي إطار الدورة الجديدة، تحتفل الأمم المتحدة بعيدها الخامس والسبعين، والذي أسماه الأمين العام للأمم المتحدة بـ "حوار الناس" ووعد بأن تكون أكبر محادثة عالمية على الإطلاق حول بناء المستقبل الذي نصبو إليه، ويهدف الحدث إلى توليد دعم متجدد لتعددية الأطراف وهي قضية يعتقد الكثيرون أنها أصبحت أكثر إلحاحا، حيث يواجه العالم جائحة فيروس كوفيد - 19. ومن المنتظر أن تعتمد الأمم المتحدة بهذه المناسبة إعلاناً سياسياً تحت شعار" المستقبل الذي نسعى إليه، نحن بحاجة إلى الأمم المتحدة: إعادة تأكيد التزامنا الجماعي بتعددية الأطراف" .
وستكون أهداف التنمية المستدامة، وهي الأهداف السبعة عشر المتفق عليها دوليا للحد من الفقر والحفاظ على السلام، وحماية الكوكب، على رأس جدول أعمال الأمم المتحدة خلال عام 2020، وتشمل فعاليات الدورة الجديدة قمة للتنوع البيولوجي وسبل عكس التدهور المتسارع للبيئة الطبيعية، والتقدم المحرز بمجال المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة، والاحتفال باليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية .
وتأتي اجتماعات الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة بوقت يواجه فيه العالم تهديدات وتحديات خطيرة أمنية وسياسية واقتصادية، وعودة أجواء التوتر من جديد، وهو ما يضع إرادة الأسرة الدولية ممثلة بالأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة أمام اختبار حقيقي إذا ما أرادت الحفاظ على دورها ورسالتها في حفظ وتحقيق السلام الدولي وفق قرارات ومواثيق الشرعية الدولية، وهو ما يؤكد أهمية الاستجابة للنداءات التي تصدرها الدول المحبة للسلام ومنها دولة قطر، حيث تؤمن الدوحة وبقوة بأهمية الحوار باعتباره السبيل الأمثل للسلام والتسوية السلمية للمنازعات والأزمات.
copy short url   نسخ
21/09/2020
2155