+ A
A -

مع اشتداد القصف الهمجي لجيش الاحتلال على كل قطاع غزة، وبعد كل المذابح والمجازر أعلن المحتل عن اكتشافه نفقا كبيرا للمقاومة في القطاع.

أخرج الإعلام الصهيوني الخبر على أنه انتصار عظيم لجيشه المدجج بكل أنواع الأسلحة الحديثة المتطورة وأجابته المقاومة بأنهم وصلوا متأخرين.

لا حديث داخل أروقة السياسة والأمن والجيش الصهيوني إلا عن الأنفاق، وعن القدرة الهائلة التي مكنت حركة المقاومة من تكبيد العدو خسائر فادحة في المعدات والأرواح، هذا فضلا عن الهزيمة النفسية التي مني جيش العدو بسبب عجزه عن تفكيك الحدّ الأدنى من هذه الشبكة الخفية التي تمثل عصب المقاومة الفلسطينية.

خيار الأنفاق هو أحد أخطر الخيارات الحربية التي اختارتها المقاومة لحماية نفسها من مراصد العدوّ وحماية أسلحتها وتحقيق قدرة كبيرة على الهجوم والدفاع والمناورة. لا تمثل حياة الأنفاق في غزة إلا واحدا من أوجه الصمود الأسطوري في مواجهة آلة العدو الجهنمية التي لا ترحم وفي مواجهة شبكة المخبرين والعملاء.

النفق هو آخر ملاجئ المقاومة وهو المنوال الحربي الذي تمكنت عبره فيتنام من هزيمة أكبر قوة عسكرية في العالم، بعد أن كبدت الولايات المتحدة هزيمة نكراء اضطرتها إلى الانسحاب المذل. وليست حياة الأنفاق في غزة إلا عنوانا للتضحيات الجسام التي يسطرها رجال المقاومة وسط الرطوبة والمخاطر، وانعدام الهواء وخطورة المهمة بعد أن اختاروا أصعب عناوين مقاومة الاحتلال.

على الضفة الأخرى اختار غيرهم المفاوضات والمعاهدات والتنسيق الأمني مع العدو المحتل وها هي القوى الدولية اليوم تعمل جاهدة على محاولة بسط نفوذ السلطة، فالحوار الذي يجري اليوم داخل أروقة القرار الدولي لما بعد الحرب هو محاولة لعزل حركة حماس في القطاع وتعويضها بمكون سياسي فلسطيني من طبيعة حكومة رام الله. أسماء كثيرة تتردد سواء لخلافة عباس على رأس السلطة أو لتعيين جسم سياسي، موال للكيان المحتل وهو الأمر الذي فتح الصراع على أشده بين أجنحة حركة فتح للفور بحكم غزة.

بين من اختار الأنفاق للتضحية والمقاومة ومن اختار الصراع على السلطة والحكم، بون شاسع يكشف حجم التمزق الذي يعاني منه الجسد الفلسطيني في الداخل حيث يحاول المجتمع الدولي تفعيل سياسة التفرقة لضمان أمن الاحتلال ومنع تجدد المقاومة.

لم يحقق الصراع على السلطة في الضفة إلا مزيدا من التنازلات والهزائم في حين نجح خيار المقاومة والأنفاق في تركيع الاحتلال ومنع سقوط آخر معاقل الدفاع عن الأمة وعن الأرض والمقدسات[email protected] -

copy short url   نسخ
21/12/2023
65