+ A
A -

فوجئت منذ قرابة أسبوع بنشر مقال قديم لي نشر في سبتمبر 2020 بعنوان «الفقر، خريف الاقتصاد»، حيث نشرته جريدة «البناء اللبنانية» موقعًا باسم كاتبة تدعى «صباح برجس العلي». المقال نقل بالحرف دون إضافة ولو فاصلة. فقط قامت السيدة صباح بإعادة نشره من منتصفه وحتى النهاية، فهي لم تقتبس كلمة أو جملة أو عبارتين، بل نصف المقال.ومن ثم لم تتأثر بفكرة المقال أو لغته أو عباراته بل نية النقل موجودة.لقد أخذت «جريدة البناء» مقالي من بداية تلك الفقرة:«هل تنصت على صومعة ناطورك فرأيته يضع قلمًا بطرف فمه متخيلاً نفسه الزعيم “تشرتشل” بغليونه، يأمر فيطاع، ويطلب فيجاب؟ هل دسست نفسك بين هيامات متسول مضطجع على الأرصفة تحسبه صفر التطلعات فيما يتخيل نفسه ثريا يجوب العالم على يخته الخاص؟ تعطيه حسنة، فيشكرك برضى يتفوق أداؤه التمثيلي فيه على أداء الممثل “عبد الوارث عسر” بل لتحسبنه روميًا بامتياز؟وحتى نهاية المقال.لقد حاولت التواصل مع «جريدة البناء» التي نشرت مقالي باسم السيدة «صباح العلي»، لكن لليوم لم يصلني أي رد من الجريدة والمؤسف أن السيدة صباح ليس لها حساب على مواقع للتواصل لمراسلتها.ومن ثم فمن المرجح أن تكون الجريدة قد نشرت المقال عمدًاـ باسم مستعار.وفي محاولاتي للتواصل مع الجريدة على صفحتها بـ «الفيس بووك» فوجئت بعدد من الكتاب والشعراء يشتكون على صفــحـــة «جريدة البناء» من نشر قصائدهم ومقالاتهم على موقع الجريدة دون ذرة حرج.مقالي هذا «الفقر.. خريف الاقتصاد» نشر بإذني وعلمي بصحيفة الوطن القطرية عام 2020أعلم وأغض الطرف عن قيام العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية بنشر مقالاتي دون استئذاني لأنهم ينشرون مقالاتي موقعة باسمي بل ومصحوبة بصورتي.. فلا نية للسرقة. أما ما قامت به الكاتبة وجريدة البناء، فهو عمل لا دخل له بالاستنارة بفكرة مقالي أو التأثر بما جاء فيه، بل قرصنة فكرية مكتملة الأركان لغياب رادع بمنع القرصنة الفكرية.ما حدث معي ذكرني بكلمة للفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل: «إن البشرية على مر العصور مدينة لمئات فقط من المبدعين».والمراقب للساحة الفنية، الفكرية والأدبية يفهم أن من الطبيعي أن يتم تداول الفنون والأفكار ولا ضرر من الاقتباسات شريطة ذكر المرجع أو المصدر وهو ما يعرف بالـ عنعنة».وقديمًا اتهم الفنان «محمد عبدالوهاب» باقتباس بعض الألحان الغربية، وحين وجه له هذا الاتهام صراحة من أحد المذيعين، كان رده أنه يملك الحق في اقتباس ثماني جمل موسيقية دون أن يُعد ذلك سرقة.لكن اليوم ورغم وجود فضائيات ووسائل تواصل، إلا أن المشاهد والمستمع العادي يستطيع وبسهولة أن يدرك أن هذا اللحن مسروق، أي مأخوذ بدون أي إضافة أو إبداع وبدون ذكر المصدر الأصلي.وحتى أفلام الأمس والتي تعتبر من كلاسيكيات السينما لم تسلم من تلك السرقات. لقد هالني أن ممثلين عظاما ولهم مكانتهم قاموا بتمصير أفلام أجنبية دون ذكر أن القصة على سبيل المثال مأخوذة من فيلم «المتشرد» أو THE VAGABOND «لشارلي شابلن».ورغم سهولة اكتشاف السرقات الفكرية إلا أن الأمر متكرر لعدم وجود عقوبات. بالنهاية، فالكاتب حين يسرق أو يقتبس دون «العنعنة» فهو كشاب يعترف بعقمه دون محاولة زواج الفكر من التأمل لينجب من بنات أفكاره من يكتبن له الخلود.

copy short url   نسخ
16/07/2022
40