+ A
A -
صعود الرئيس فلاديمير بوتين لموقع القرار الأول في روسيا الاتحادية، تعزيز جديد وقوي لمسار «ستالينية جديدة» بدأت تُبصِرُ النور منذ عدةِ سنوات في روسيا الاتحادية، وريثة الاتحاد السوفياتي السابق، ولكن هذه المرة بلبوسٍ ديمقراطي ـــــ حتى لو كان شكلياً كما يعتقد الكثيرون ـــــ ودون حكمٍ حديديٍ لحزبٍ واحد، بل وقف «حزب روسيا المُتحدة»، وراء الستار كحزبٍ مساند للرئيس بوتين ولعملية الانتخابات الرئاسية.
التحضيرات السريعة، وعملية «السَلق» إن صَحَ التعبير، التي رافقت مُقدمات الانتخابات الرئاسية الروسية الأخيرة، زادت من اقتناع الناخبين المؤيّدين للتيارات الليبرالية الروسية بعجزهم عن التغيير، في استجابةٍ لدعواتِ الزعيم المعارض (أليكسي نافالني) الذي دعاهم للمقاطعة، علماً أنه مُنِع من خوض السباق الانتخابي على موقع الرئاسة.
فلاديمير بوتين، الآن، وفي ظل صعوده المُتجدد لموقع الرئاسة، يَبِزُّ جوزف ستالين المُلقّب بالرجل الحديدي. فسطوته، وحضوره، وتأثيره في روسيا الاتحادية ربما زاد عن ما كان لجوزف ستالين، الزعيم الثاني للاتحاد السوفياتي والثورة البلشفية، بالرغم من قيادته الاتحاد السوفياتي في الحرب الكونية الثانية.
إذن، في فترتهِ الجديدة، سيكون الرئيس فلاديمير بوتين، سليل المخابرات الروسية (الكي جي بي) قد أمضى في السلطة نحو 25 عاماً، ليصبح بذلك ثاني زعماء الكرملين من حيث مدة الاستمرارية في قيادة موقع القرار الأول.
وفي حقيقة الأمر، لم تَكُن هناك حملة انتخابية ساخنة بالمعنى السائد في الانتخابات الرئاسية الروسية الأخيرة، فقد جَرَت العملية الانتخابية بهدوءٍ تقريباً، ودون مُنغصاتٍ ذات شأن، فقد كان فلاديمير بوتين شعبوياً بامتياز أمام الجمهور الروسي، وقد عَزَفَ فيها على وتَرِ الموقف الناقد للغرب، ولكراهية الغرب، وأطلق صيحة التحدي، في خطابهِ الشهير قُبيل الانتخابات، والذي خصصه للإعلان عن منظومات الأسلحة الجديدة التي امتلكتها روسيا، وأمام الجمهور الروسي، فكانت تلك الطاقة التي شَجّعَت قطاعات واسعة من الجمهور الروسي للمشاركة بالانتخابات في يومٍ قارس البرودة وفي درجة حرارة تحت الصفر، واختيار بوتين.
كما زاد بوتين في شعبويته عندما اختار ومعه مجلس الدوما (البرلمان الروسي) يوم 18 مارس موعداً للانتخابات في ذكرى الاحتفال الروسي بعودة شبه جزيرة القرم لروسيا، حيث تم بذلك دغدغة المشاعر القومية الروسية، وتحفيز الناس للمشاركة بالانتخابات والتصويت لفلاديمير بوتين، واستعادة كل المحطات الحاسمة التي جَعَلَت من بوتين «قيصر روسيا الجديد».
هي في نهاية الأمر لُعبة الانتخابات، والشطارة والفهلوة في كسبِ الجمهور، ومعها قوة السلطة، وحزب «روسيا المتحدة» الذي ساند وبقوة فلاديمير بوتين وإن كان من خلف الستار. ومعها أيضاً عزوف الكثيرين عن خوض السباق الرئاسي.
بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
25/03/2018
1936