+ A
A -

أحْيت ملحمة غزة ما لم يكن أحد ينتظر إحياءه وهي فكرة المقاومة وروح المقاومة شرطا لوجود الإنسان حرا كريما على أرضه. فكرة المقاومة ليست خيارا وليست مشروعا وليست ترفا بل هي شرط من شروط وجود الإنسان نفسه: المقاومة بلغة أخرى هي إنسانية الإنسان وبدونها يكون قد فرط في إنسانيته وتنازل عنها.

منحت ملحمة غزة الوعي الشعبي العربي جرعة كبيرة من الأمل ومن قدرة المقاومة على تحقيق نتائج عظيمة لا على المستوى المحلي أو الإقليمي فحسب بل كذلك على المستوى الدولي. رسم الفلسطينيون في غزة طريقا جديدا لمقاومة الاحتلال وأكدوا للعالم أجمع أن المقاومة هي السبيل الوحيد للحرية وأن المحتل مهما بلغت قوته وجبروته فإنه يبقى عاجزا عن كسر إرادة الشعوب.

الخوف الأكبر اليوم إنما يتمثل في حالة العدوى التي قد تخلقها الحالة الفلسطينية في بقية الأقطار العربية وخاصة تلك الحواضر المشتعلة في سوريا والعراق واليمن والسودان. إن فكرة المقاومة الشعبية لكل أشكال التدخل الخارجي والهيمنة المانعة للاستقرار والنهضة والتنمية والتحرر هي السبيل الوحيد للخروج من حالة الاستبداد الداخلي الذي وضع الأمة كلها في خانة الأمم المتخلفة.

إن انتصار المقاومة في غزة قد أنعش الأمل في القدرة على الخروج من دائرة المفعول به حضاريا والصعود نحو دائرة الفعل الحضاري التي صارت ممكنة التحقيق. لا يتعلق الأمر إذن بمحاولة هزيمة المقاومة بل يتجاوزها إلى محاولة كسر إرادة الشعوب وقتل فكرة المقاومة والقدرة على النهوض. إن ما حققته غزة خلال الأسابيع الماضية من نجاحات سيتجاوز في تأثيره كل التوقعات الممكنة وسيشكل وعيا جديدا بسبل التحرر والنهوض.

copy short url   نسخ
30/11/2023
120