+ A
A -
طالما نحن في بداية شهر جديد ولا يوجد شخص لم يستخدم جهاز الصراف.. أكاد أجزم أن جهاز الصراف الآلي يعد أعظم اختراع في تاريخ البشرية. كيف لا وهو من يصنع الابتسامة عند الرجال، وهو من يصلح كسر الخواطر عند النساء، وهو من يمسح دمعة الأطفال، هو ليس مجرد جهاز خالٍ من المشاعر لكن هو كتلة من فيض الحنان الذي يغدق عليك بالمال دون حسيب ورقيب، ودون منة أو عرفان. هو الصديق الوفي الذي يقف معك وقت المحن صحيح أنه كثيراً ما يخذلك عندما يخرج لك لسانه بالقول: عملية السحب مرفوضة لأن الرصيد غير كافٍ! ولكن تبقى مواقفه البطولية مضرب الأمثال.. فيكفي أن تسمع صوت الموسيقى العذبة الصادرة من أعماق قلبه، وهو يحصي لك عدد النقود تك تك تك تك.. فصوت الماكينة يشبه الأوركسترا حيث تخرج لك الأموال في تناسق جميل ما بين فئة الـ 500 ريال والـ 100 ريال والـ 50 ريالا.. بالله عليك من يلبي حاجتك مثل جهاز الصراف الآلي.
ولك أن تتخيل أن الطابور الوحيد الذي لا تمل من الانتظار فيه هو طابور الصراف الآلي.. وما أن يصل دورك حتى ترقص أصابعك فرحاً وهي تعزف مقطوعة الأرقام السرية، لدرجة أنك تضغط على الشاشة وأنت مغمض العينين نتيجة الانصهار الحاصل بينكما فجهاز الصراف الآلي يعرف ما تريده من مجرد أول لمسة.
وأسرد لكم هذه القصة وهي ليست من سبيل المبالغة ففي إحدى الصالات وقف شخص بجانبي وأنا أؤدي تمرينات البايسبس والترايسبس، وقال لي: ما هو أفضل جهاز يمكنني من الحصول على مظهر يرضى زوجتي؟ فنظرت إليه باسماً وأنا أشير إلى جهاز الصراف الآلي خارج الصالة الرياضية.
وهناك معلومة قد تغيب عن أذهاننا أن جهاز (ATM) هو الجهاز الوحيد من بين الأجهزة الحديثة الذي يدعم الهوية الوطنية في المحافظة على اللغة العربية! فقد تجد العميل يستخدم اللغة الانجليزية في كل تعاملاته مع الأجهزة الذكية، والحاسوب، وحتى في حديثه، ولكن عندما يأتي الأمر عند اختيار اللغة في جهاز الصراف الآلي فأنه يستخدم اللغة العربية بكل فخر.
الشاهد من هذا الحديث كله. أنك هل سألت نفسك يوماً وأنت تقف بكل فخر أمام جهاز الصراف الآلي لماذا تخرج بطاقة البنك قبل النقود؟ الجواب بسيط: لأنك ربما أو حتماً سوف تنسى البطاقة فور أن ترى النقود لأنك ببساطة أخذت حاجتك من جهاز الصراف الآلي. ولذلك احذر أن تتعامل مع البشر بنفس المبدأ بأن تنسى أفضالهم عليك فور أن تنتهي حاجتك منهم.. البشر ليسوا مجرد آلات ولكن لهم أحاسيس ومشاعر فهم ليسو مجرد أجهزة ATM.

بقلم : ماجد الجبارة
copy short url   نسخ
01/03/2018
2697