تنشط عبر المنصات الرسمية للجمعيات الخيرية على مواقع التواصل الاجتماعي، حملات جمع التبرعات لتقديم الإغاثة العاجلة للشعب الفلسطيني، في لفتة إنسانية تجسد مدى الترابط والإخوة التي تجمع بين البلدين، عن طريق تحويل المساعدات المالية على أرقام الحسابات المصرفية للمؤسسات المنوط بها جمع التبرعات الخيرية في الدولة.
وثمّن علماء دين وناشطون بمجال العمل الخيري والإنساني مواقف دولة قطر، منوهين في حديثهم لـ الوطن بأنه لم يكن مستغربا أن يتفاعل محسنو قطر مع النداء الإنساني الذي أطلقته المؤسسات الخيرية القطرية لإغاثة أهل غزة، فقد عُرفت قطر في مجال العمل الإنساني، بأنها شجرة مثمرة وارفة الظلال، للمحتاجين والمنكوبين، ومنارة يقصدها المحرومون والمتضررون، بفضل أياديها البـيضاء، التي تغــطي مشـــارق الأرض ومغاربها.
الترابط والإخوة
بدايةً امتدح فضيلة الداعية الإسلامي، أحمد بن محمد البوعينين، مواقف دولة قطر، الداعمة للقضية والشعب الفلسطيني، بكافة أنواع الدعم السياسي والاقتصادي والإنساني، الذي يشكل إحدى ركائز الصمود الفلسطيني في وجه الاحتلال الصهيوني، مشيرا إلى أن دعم قطر للشعب الفلسطيني، يؤكد مدى الترابط والإخوة التي تجمع بين البلدين، اتساقاً مع قوله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، منوها بأن قطر ساهمت إنسانياً وسياسياً ودبلوماسياً في دعم القضية الفلسطينية، في المحافل الدولية والعربية لنيل حقوقه المشروعة، وحرصت على الاحتفاظ بعلاقات وثيقة، مع كافة مكونات الشعب الفلسطيني والمقاومة.
وأشار البوعينين إلى أن دولة قطر تعتبر من أكثر الدول دعماً للقضية الفلسطينية، بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص، وذلك لأن أهل غزة هم أهلنا، ولا شك بأن الصدقات والمساندة في وقت الأزمات، هما حق من حقوق المسلم على المسلم، مؤكداً أن القيادة القطرية عملت ولاتزال تعمل من أجل هذا الشعب الوفي، لافتاً إلى أن قطر تساعد المسلمين في شتى بقاع العالم، من باب الواجب الديني الذي تفرضه عليها سماحة الدين الإسلامي.
نصرة المظلوم
ومن جانبه أعرب الداعية الإسلامي د. عايش القحطاني، عن إشادته بمواقف دولة قطر التي تؤكد يوماً بعد يوم، أن قطر هي كعبة المضيوم فعلاً وليس قولاً فحسب، وأنها دائماً سباقة في نصرة المظلوم، والوقوف إلى جانب المستضعفين، لافتا إلى أن مواقف قطر تجاه القضية الفلسطينية، معروفة بالنبل والشجاعة، كونها جاءت في الوقت المناسب، خصوصاً في ظل اشتداد الأزمة في قطاع غزة بفعل القصف الإسرائيلي المستمر، مبينا أن دولة قطر تساعد المسلمين في شتى بقاع العالم، من باب الواجب الديني الذي تفرضه عليها سماحة الدين الإسلامي، وأن ما تقوم به الآن في غزة برهان جديد على إنسانية قطر وشعبها، لتعزيز صمود الفلسطينيين في ظل مواجهة التحديات التي تعصف بهم.
وأكد القحطاني أن قضية فلسطين هي قضية المسلمين الأولى، منوها بأنه سبق له زيارة غزة مرات عديدة عن طريق قطر الخيرية لتقديم الدعم لإخواننا الفلسطينيون من الأسر المكلومة والأيتام والفقراء، بالإضافة إلى دعم المشاريع الإنسانية والمستشفيات والمدارس، منوها بأن قطر سباقة في هذا المجال، حيث قامت المؤسسات الخيرية القطرية بإرسال المعونات والمساعدات الإنسانية والغذائية والدوائية لأهل غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع، فالجهد القطري واضح ويراه الجميع، فمن جهة المساعدات نحن أول مَن بادر إلى جانب جهود الدول المحيطة الخليجية والعربية.
وأشار القحطاني إلى أهمية نشر القضية الفلسطينية وغرسها في الأبناء، مبينا أن كل شخص له دور يلعبه، فالإعلام عليه دور رئيسي في شرح القضية الفلسطينية، والتأكيد على أن فلسطين هي أرض المسلمين من الكنعانيين فمنذ العصر الحجري هناك آثار الحياة التي كانت موجودة في فلسطين، وكذلك نشرح لهم قضية غزة وعسقلان، وهذه مهمة للغاية باعتبار أن غزة تابعة لعسقلان منذ الفتح الإسلامي، فهي تقع جنوب فلسطين، وغزة تقع جنوب غرب عسقلان وتبعد عنها «21» كيلومترا، وهنا اعجاز في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا الأمر نبوة ورحمة، ثم يكون خلافة ورحمة، ثم يكون ملكاً ورحمة، ثم يتكادمون عليه تكادم الحمر، فعليكم بالجهاد وإن أفضل جهادكم الرباط وإن أفضل رباطكم عسقلان»، وهذا ما نراه الآن إخواننا مرابطون هناك فيجب علينا نصرتهم.
قيم العروبة
ومن ناحيتها تقول الإعلامية والناشطة المجتمعية إيماني الكعبي: من منطلق قيم العروبة والإسلام، ومن منطلق قيم ومبادئ الإنسانية بشكل عام، أرى أننا نقف اليوم أمام لحظة مهمة مع التاريخ ومع الإنسانية ومع الضمير الحيّ، ونحن نعاين ونرى بأم أعيننا وقلوبنا ما يجري على أرض فلسطين المحتلة في غزة وما يعيشه الإنسان الفلسطيني هناك من ألم واضطهاد وحرمان وتشريد وتجويع بطريقة تنتهي وتنتفي فيها كل معاني الإنسانية.
وأضافت: في هذه اللحظة الفارقة يكون التضامن مع أهلنا في فلسطين واجبا أخلاقيا قبل كل شيء، ويظل دعمهم انسانيا حتميةً أخلاقية لا جدال فيها، قائلة: ونحن نتابع هذا الدعم الإنساني الموجه لأهلنا في فلسطين لا نملك إلا أن نشد على الأيادي البيضاء لكل المساهمين فيه، ونرى بلا شك أنه من المهم إعطاء زخم لهذا الدعم وتقريبه قدر الإمكان من أهلنا في فلسطين المحتلة ومعاينة ما يعانيه الناس المحاصَرون هناك من شتى أنواع الحرمان والألم والمآسي اليومية التي لا تتوقف بل تزداد حدتها وتداعياتها كل يوم، فهناك أطفال تيتموا وجُوِّعوا، وهناك نساء ترمّلن ورجال كُسرت ظهورهم وعائلات شردت ومزقت بكاملها، وكل ما نرجوه أن تظل قيم الإنسانية والتضامن حاضرة في قلوب العالم، والحس التكافلي عاليا لدى أي إنسان على هذه الأرض من أجل الدعم الإنساني المخلص لأهلنا في فلسطين.
مسؤولية إنسانية
ومن جهتها تقول الإعلامية والناشطة المجتمعية موزة آل إسحاق: ربما يكمن دورنا ومسؤوليتنا الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية لتقديم كافة الدعم لإخواننا في غزة كجزء بسيط من المسؤولية الاجتماعية والدينية الملقاة على عاتق كل منا كشعوب عربية وإسلامية، تقديرا لما قدموه من تضحيات بالغة تجاه القضية الإسلامية المشتركة، وهي المسجد الاقصى، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقالت آل إسحاق: رغم كل الأحداث والأخبار المؤلمة والمزعجة التي يعيشها إخواننا بغزة من دمار وهدم وابادة واستهداف للمدنيين من الأطفال والشباب والنساء وكبار السن وسقوط المئات من الشهداء، إلا إننا كلنا ثقة في الله سبحانه وتعالى وفي قدراتكم الايمانية على تخطى الصعاب بقوة الايمان واليقين، لافتة إلى أن لحظه النصر وتحرير المسجد الأقصى قد اقتربت بفضل الشامخين أمام العالم بقوة الإرادة والإيمان، الذين يؤكدون أن الارض عربية فلسطينية وهم يعلمون معنى الوطن والدفاع عن الأرض، فالإنسان يخسر كل ما يملك إلا الكرامة وسوف يتحدث التاريخ والأجيال العربية والعالم عن ما قدموه من تضحيات إنسانية واجتماعية واقتصادية من أجل القضية الفلسطينية.
وأضافت: نفتخر اليوم بقدرة الإنسان الفلسطيني على التحمل وتعدد الأدوار والمسؤوليات التي يقومون بها، فعلى سبيل المثال الطبيب الفلسطيني يقوم بمهام صحية وإنسانية رغم كل التحديات، حيث غيرت قوة تحمل الإنسان الفلسطيني مفاهيم الكثير من شعوب العالم غير الناطقة بالعربية وأصبحوا يبحثون بين سطور القرآن الكريم عن سر قوة هذا الشعب الأبي، وترسخت مفاهيم العقيدة الدينية لدى الكثير من الناس، لافتة إلى أن كل إنجاز عظيم تسبقه تضحيات أعظم، وقريبا بإذن الله الصلاة بالمسجد الاقصى لكل المسلمين.
دعم غير محدود
ولا يتوقف دفاع قطر عن القضية الفلسطينية عند حد المطالبات الدولية، بل هي تقدم من جانب آخر الدعم المالي والمعونات المختلفة الصحية والإسكانية والإنسانية للفلسطينيين، لا سيما تبني تقديم الدعم لقطاع غزة، ومنظمة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فمن أبرز المشاريع القطرية التي أنشأتها وتكفلت بها خلال السنوات الماضية، مدينة «حمد» السكنية، وتعبيد شارعي «الرشيد» و«صلاح الدين» (أطول شارعين بالقطاع) وتأهيلهما، وإنشاء مستشفى «الشيخ حمد» للتأهيل والأطراف الصناعية، كما أسهمت في التبرع بالوقود لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة، التي يتسبب توقفها بمعاناة كبيرة لسكان القطاع، الذين يعانون منذ أكثر من 15 سنة أزمة كهرباء حادة تتفاقم باستمرار، وافتتحت مدارس «مدينة حمد بن خليفة آل ثاني» في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، بالإضافة إلى تجهيز مختبرات طبية متخصصة في مؤسسات التعليم الطبي بقطاع غزة تعنى بالتمريض وأبحاث السرطان والسموم وصيانة الأجهزة الطبية، إلى جانب بناء قدرات الكوادر الطبية للتعامل مع الأزمات والكوارث المتكررة في قطاع غزة مثل الحروب.