+ A
A -
فتح كتاب مايكل وولف «نيران وغضب داخل بيت ترامب الأبيض» الباب على مصراعية للحديث عن الفريق الرئاسي المحيط بالرئيس الأميركي دونالد ترامب بعدما قدم 200 من أعضاء هذا الفريق شهادات إلى مؤلف الكتاب كثير منها يكشف جهل الرئيس بالسياسة الأميركية والدستور وأسماء السياسيين والمسؤولين وأبجديات العمل الرئاسي وقواعد الحكم وغبائه في اتخاذ القرارات واختيار المسؤولين وعجزه عن استكمال منظومة الحكم رغم مرور عام كامل على وجوده في السلطة وقد أثارت اختياراته حفيظة الكثيرين لاسيما وأن معظمهم كانوا من العنصريين الصهاينة المتعصبين أو الأثرياء أو العسكريين الذي فصل بعضهم من الخدمة مثل وزير دفاعه الذي يلقب بـ «الكلب المسعور» وغيرهم وغيرهم وكذلك تخبطه في إصدار القرارات بينه وبين كبار المسؤولين في وزارتي الداخلية والدفاع وعزلته عن محيطه وتشكيكه الدائم في المحيطين به وتقريب عائلته وزوج ابنته وابنته من سدة الحكم والقرارات الحاسمة والتعامل مع الدولة كأنها شركته الخاصة التي يوظف ويعزل فيها من يشاء بقرارات لا تستند إلا إلى المزاجية والتخبط، واستخدامه موقع التواصل الاجتماعي تويتر بشكل مضطرب للتعبير عن آرائه وإصدار قراراته التي قام في كثير منها بتغيير كبار المسؤولين في البيت الأبيض بطريقة خالية من كل القواعد السياسية أو حتى اللياقة الإنسانية.
من أبرز ما استوقفني في هذا الجانب هو حالة النفاق التي يعيشها معظم الفريق المحيط بالرئيس وهي حالة عامة تحيط بالرؤساء أو الزعماء الذين يشبهونه من حيث ضعف القدرات والتخبط والجهل السياسي والعنجهية والكذب والنرجسية والبارانويا والأوهام وادعاء العظمة فهؤلاء عادة ما يحيط بهم فريق من المنافقين المنتفعين الذين يزينون لهم أعمالهم ويزيدون من أمراضهم مقابل أن يقتطع كل واحد من هؤلاء جزءا من السلطة والمسؤولية والامتيازات لنفسه، فتجدهم في جلساتهم الخاصة يسخرون منه ويستهزؤون بقراراته ويضحكون على سلوكياته لكنهم أمامه يدافعون عن كل ما يفعل ويقول ويلقبونه بالحكيم الشبيه بالأنبياء والمنقذ للبشرية الشبيه بالمسيح، وهذا ما جاء في فقرات كثيرة من الكتاب عن المحيطين بالرئيس ترامب من الوزراء والمسؤولين فهم جميعا يسخرون منه بل ويعتبرونه كارثة علي الولايات المتحدة ولذلك قبل مائتين منهم أن يتحدثوا لمايكل وولف ويفضحوا أسرار البيت الأبيض التي عادة لا تخرج بهذه السهولة وخلال أشهر قليلة قضاها الرئيس في البيت الأبيض وهذا الأمر وضع الكونغرس وكل الادارات الأميركية في ورطة كبيرة وأزمة أخلاقية وتاريخية فرغم أن الدستور الأميركي يجعل من منصب الرئيس والحكام من خلال جمع التبرعات مناصب مرهونة بمصالح الممولين إلا أن المشكلة في موضوع ترامب أنه استولي علي الحزب الجمهوري والبيت الأبيض بأمواله وأن الدستور الأميركي يمنحه سلطات وصلاحيات واسعة لكن المشكلة الأكبر أن الولايات المتحدة تحولت خلال عام واحد من حكمه إلى قوة عظمى مترنحة كما أصبح الجميع يرى البيت الأبيض بيتا للنفاق والأكاذيب لاسيما بعد صدور كتاب مايكل وولف. إن حالة البيت الأبيض والفريق المحيط بترامب هي صورة طبق الأصل لحالة كثير من قصور الحكم والفرق التي تعمل بها في إطار الحكام الذين يشبهون ترامب وحولنا منهم الكثير.
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
08/01/2018
6187