+ A
A -
كان الشاعر والفيلسوف الألماني العظيم «جوته» يعبر عن افتنانه بالقرآن ويقول إن الله أنزل الملاك جبريل إلى النبي محمد وهو أمي لم يطلع على شيء من العلوم أو الفلسفة، ولم يكن شاعرا، وهذا ما دعا البشر إلى الثقة في دعوته، فقد ظل نقيا حتى أكمل رسالته إلى النهاية، وكانت لغة القرآن «مفاجأة لغوية» للعرب وهم أهل البلاغة، وكانت هذه اللغة هي المفتاح الذي فتح القلوب للدين الجديد، ولأن هذا القرآن من عند الله فإننا نجد فيه روعة الدلائل على وجود الله وعظمته وامتلاكه لهذا الكون الفسيح، وباختصار لم ولن يكون في مقدور أحد من البشر الوصول إلى هذه المعجزة الربانية».
قد يكون هذا الكلام مألوفا بالنسبة للمسلمين ولكنه يكتسب قيمته باعتراف هذا الشاعر والأديب والفيلسوف الغربي الكبير الذي تعلق بالقرآن ومن أجله بذل جهدا كبيرا في تعلم اللغة العربية وقرأ ترجمات القرآن ووصف أسلوب القرآن بالعظمة والرهبة والسكوت. وظهر تأثره الشديد بالإسلام في الدراما التي كتبها حول النبي صلى الله عليه وسلم، كما ظهر في كتابه الشهير «ديوان الغرب والشرق» مما عكس اتساع معرفته بالإسلام، وكان يستشهد بآيات من القرآن، في كتاباته وأيضا في رسائله الخاصة من ذلك أنه كتب إلى شاعر من أصدقائه يقول: أريد أن أدعو «رب اشرح لى صدري» كما دعاه موسى. تأثرا بالآية (25) من سورة طه، كما كتب عن تأثره بالآيات (25-27) من سورة طه «رب اشرح لي صدري، ويسر أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي» وعندما بلغ السبعين دعا إلى الاحتفال في أنحاء العالم بمناسبة اليوم المقدس الذي نزل فيه القرآن من السماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكتب عن «التأثير الرباني الذي تركه القرآن على تاريخ البشرية»، مما يعكس قناعته بالحقائق التي وردت في القرآن، وسجل تأثره الشديد بالآية «بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون»( البقرة 112) وبالآية الكريمة «ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم» (البقرة الآية 164).
وهكذا نجد في كتاباته استشهادات كثيرة من القرآن عن قدرة الله ودعوته للبشر أن ينظروا فيما خلق في السموات وفي أنفسهم، ودعوة الله للناس إلى عمل الخير.
وقد أدت دراسة جوته للقرآن إلى قيامه بتأليف مسرحية «الدراما المحمدية» صور فيها بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ومعاناته في تبليغ رسالة التوحيد، وقام جوته بتأليف «أغنية محمد» في تبجيل النبي صلى الله عليه وسلم عبر فيها وفي مسرحية «الدراما المحمدية» عن انبهاره بشخص النبي وجهاده الذي «يجسد كل ما يمكن أن يعجب به المرء في شخص بعينه متفرد في صفاته» .
بقلم : رجب البنا
copy short url   نسخ
30/12/2017
3853