+ A
A -
قد يكون هذا الموضوع يطرق لأول مرة في الصحافة القطرية، المرئية منها، والمقروءة والمسموعة، فعلى مدى عشرين عاما من عملي في بلاط الوطن، وأنا أعايش المجتمع القطري، أفراحه وأتراحه، آماله وأحلامه، حتى انصهرت في هذا المجتمع بعاداته وتقاليده ولغته، وباتت صديقات بناتي هن بناتي، وصديقات أم العيال هن أخواتي، نتزاور نفرح لفرحهم، ونحزن لحزنهم، ونتشارك الهريس والمقلوبة، والفتة والثريد، والمسخن والمخفوقة.. ولقمة القاضي والزلابية.. وبت أرى في هذا المجتمع مجتمعا مثاليا أؤدي له كل احترام وتقدير.. وأقف أمام ما ينقله الأصدقاء أمام مختلف القضايا صغرت أم كبرت.. ومن بين هذه القضايا مع خصوصيتها إلا أن كثيرا من بنات قطر بالفعل هن جنديات مجهولات خاصة أولئك اللاتي ضحين بمستقبلهن من أجل هدف غال ونبيل هو رعاية أحد الأبوين إذا بقي وحيدا بعد مغادرة رفيق العمر..
«قطريات جنديات مجهولات» وهن بحق كذلك، فمنهن من ضحين بحياتهن من أجل الفوز برضى الوالدين ورفضن الزواج في مقتبل العمر لوجود أم أو أب يحتاج إلى عناية، فرفضن من تقدموا لهن للزواج، ومنهن من رفضن الزواج وهن على مقاعد الدراسة من أجل تعزيز الذات بمواصلة الدراسات العليا، كثيرات ضحين من أجل العلم والوالدين ومن بعد وفاة الوالدين وتفرق الإخوة وحصولهن على أعلى الشهادات، حين أفقن وجدن قطار العمر قد مضى وبقين وحيدات.
وللأسف هناك نسبة كبيرة منهن، وهن، ولله الحمد، قد تجاوزن مرحلة البحث عن زوج لأنهن انشغلن وانخرطن في الكثير من المهام، لكن تقول سيدة وأقف عند لكن!! فهناك من أصبحن وحيدات وخاصة من فقدت منهن الأب والأم وأصبحت تعيش وحيدة بالرغم من تواجد الإخوه والأخوات.
إحداهن تقول: لم يعد لي مطالب في هذه الحياة سوى أن أعيش مع أسرة من خدمني، الخادمة بالسماح لي باستقدام زوجها لتبقى عندي حتى الوفاة، أو السائق الذي يخدمني لاستقدام زوجته ليشعر بالاستقرار، وما تطلبه إحداهن السماح لها بجلب أسرة السائق حيث إنه عاش طويلا لديهم منذ حياة والديها وتتطلع إلى أن تشعر بالأمان بوجود أسرة معها في المنزل وهي تتكفل بكل ما يتعلق بأمور تلك الأسرة فهي تشعر بالخوف في كل ليلة حين تكون وحيدة في منزل ليس به إلا الخادمة والسائق.
وتقول إنهم لا يسمحون إلا بفيزا لزيارة لمدة أشهر قليلة وتسأل أن يتم استثناؤها باستقدام أسرة سائقها وهي ستتولى تعليمهم والعناية بهم نظير إخلاص ووفاء السائق في خدمة والديها من قبل وفي خدمتها حاليا..
قلنا لها أن تتبنى أيتاما.. فقالت أشعر أن ما سأقدم لأسرة سائقي هي بمثابة رعاية أيتام وهو يستحق..
وبعد ونحن نقدر إنسانية وزارة الداخلية في تعاملها مع مثل هذه الحالات نأمل
منح استثناءات لمثل هذه الحالات تخول لهن جلب أسر السواقين والخدم وخاصة من عاش بينهن سنوات طويلة وبات فردا من أفراد العائلة.. لعل ذلك يخفف حزن وآلام ويحقق تطلعات جنديات قطريات مجهولات.

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
23/05/2016
682