تواصلت فعاليات مهرجان كتارا للرواية العربية في دورته التاسعة، وسط حضور جماهيري كبير، لاسيما محبي الرواية والمهتمين بالأدب، والذين اصطفوا للحصول على توقيعات الروائيين والنقاد على كتبهم الفائزة في الدورة الثامنة للجائزة، وعددهم 16 كاتبا، إلى جانب أربعة كتاب فازوا في دورات سابقة للجائزة، واستمرت حفلات توقيع كتب، على مدى ثلاثة أيام، إلى جانب استمرار معرض كتارا للكتاب، ومعرض إحسان عبد القدوس الذي اختير شخصية العام.
وعقدت مساء أول أمس ندوتان الأولى تناولت موضوع: «الرواية العربية الرومانسية بين الواقع والمأمول»، تحدث فيها كل من: د.محمد العامري الناقد الأردني، د.سعيد يقطين الناقد المغربي، والروائي د.أحمد عبد الملك، وأدارت الندوة د.أسماء كوار كاتبة وناقدة وإعلامية فرنسية من أصل جزائري.
وكانت الندوة الثانية بعنوان: «دور إحسان عبد القدوس في إثراء الرواية العربية» وتحدث فيها كل من: د.فهد الهندال كاتب وناقد كويتي، د.رامي أبو شهاب كاتب وناقد فلسطيني، د.أماني فؤاد أستاذ نقد أدبي حديث بأكاديمية الفنون المصرية، وأدارت الندوة د.هناء البواب كاتبة، وشاعرة وناشرة أردنية.
وتناولت الندوة الأولى موضوع الرومانسية من عدة محاور، المحور الأول تجليات البنية الاجتماعية في الرواية الرومانسية العربية، المحور الثاني الراوي الرومانسي، من خلال رواية «بعد الغروب» للروائي المصري محمد عبد الحليم عبد الله كنموذج، والمحور الثالث ناقش أسباب غياب الرومانسية في الروايات العربية.
تحدث د.محمد العامري عن العمل الروائي في المجمل، موضحاً أن الكتابة الروائية تعد كائناً متحركاً لا ثبات فيه، والنص الروائي يعتبر عملاً إنسانياً وفكرياً، يعكس الحياة بكل مكوناتها، وفيما يخص الرواية الرومانسية ذكر أن تعريفاتها تزيد على المائة تعريف، ولكن في المجمل هي الحرية في الحياة والحب والتعبير، كما أن الرومانسية في الأدب كان لها دور في إعادة الاعتبار للقيم الإنسانية والثورة على الظلم والاستبداد، مشيراً إلى أن الرومانسية في الأدب العربي الحديث اعتمدت على مرجعين مهمين، أولهما كتاب «الديوان» الذي ألفه عباس محمود العقاد بالاشتراك مع عبد القادر المازني، والكتاب الثاني هو الغربال لميخائيل نعيمة.
بدوره قدم د.سعيد يقطين قراءة نقدية لرواية «بعد الغروب»، والتي يرى أنها بدأت رومانسية وانتهت واقعية، موضحاً أن الرومانسية ليست مدرسة إنما هي اتجاه عام بحيث ان كل كاتب يمكن ان تكون له منطلقات خاصة به في تناول الرومانسية، كما تناول بالشرح معنى الراوي الرومانسي، مشيراً إلى ضرورة التمييز بين الراوي والسارد، حيث ان الراوي في كل رواية يتخذ صوراً متعددة.
وأوصى د.يقطين أن تستكتب دار كتارا للنشر باحثين عربا لدراسة ظاهرة الرومانسية في الرواية العربية، لأن الرواية العربية تتقلب بين الواقعية والرواية الجديدة، وتكاد الرواية الرومانسية تختفي من المشهد الروائي العربي تماماً.
د.أحمد عبد الملك يرى أن الرواية عمل فني في المقام الأول ولا حاجة لأن نضع ميزان تقييس للرومانسية، باعتبار أن هناك أسسا سردية يجب التقيد بها، على أن تترك للروائي الحرية في إدهاش القارئ.
وتطرق د.عبد الملك إلى تعريف الرواية ومصطلح الرومانسية، معرباً عن اعتقاده بأن خفوت الرومانسية في الرواية العربية سببه سطوة الرقابة على المصنفات الأدبية في الدول العربية، إلى جانب الرقابة الذاتية للكاتب، والتي تعود إلى تقيده بالأعراف والتقاليد المجتمعية.
وتناولت الندوة الثانية تجربة إحسان عبد القدوس الروائية، من خلال التطرق إلى تجربة الروائي مع السينما المصرية، ومن زاوية جدلية الغاية والتلقي في روايات إحسان، إلى جانب تفكيك سرديات الروائي إحسان لمعرفة دوافعه والرسائل التي حاول إيصالها للمتلقي من خلال السرد.
افتتحت د.هناء البواب الندوة بالحديث عن السيرة الذاتية لإحسان عبد القدوس، من خلال محطات في حياته، ركزت على تبني إحسان لموضوع حرية المرأة ودخوله في مواجهات مع المعارضين لهذا التوجه.
وتحدثت د.أماني فؤاد عن ميلاد إحسان والذي تزامن مع قيام ثورة 1919، والتي أظهرت صورة مصر الحقيقية على حد وصفها، ليس بالتحرر من الرجعية والاستعمار فحسب وإنما التحرر كذلك من القيم التي تعوق تطور الإنسان المصري وتحول دون تقدمه، مؤكدة أن الحرية التي كان ينشدها إحسان للمرأة لا تعني الابتذال بأي حال من الأحوال.
وتناولت د. أماني أدب إحسان من خلال روايتي «النظارة السوداء» و«أنا حرة» والتي أشاعت الوعي في المجتمع المصري، وربما دول عربية أخرى، وذلك نظراً لوضوح وسهولة اللغة التي يكتب بها الروائي وهي أقرب للغة الصحافة، والتي بدورها لفتت أنظار المخرجين السينمائيين فحولوا 75 من روايات إحسان البالغ عددها 600 نص إلى أفلام سينمائية.
بدوره تناول د.رامي أبو شهاب تصنيف روايات إحسان عبد القدوس، والتي يرى أنها، لا تسير ضمن سياق واحد، وإنما لكل رواية فكرتها واتجاهها الخاص بها، لأن بعض روايات الكاتب أخذت جزءا من سمات الروايات الواقعية وسمات من الروايات ذات الطابع الاجتماعي، وفي المجمل يمكن تصنيف روايات إحسان بأنها تنتمي للأدب الشعبي.