+ A
A -
خلال أيام قليلة وقعت أحداث هائلة وتغيرات وتطورات كبرى في بلادنا تحتاج إلى وقفة للتأمل ومحاولة للفهم، لن أذهب بعيدا عن بداية الأسبوع الماضي، حيث أعلن الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح انقلابه على حلفائه الحوثيين، ودعا حلفاءه للانتفاضة عليهم، وسرعان ما التقط التحالف المشكل من السعودية والإمارات الخيط ودعوا إلى نصرة الانتفاضة المباركة التي قام به صالح معلنين دعمهم له بعدما ظلوا يحاربونه دون جدوى لسنوات، هكذا انقلبت التحالفات والتوازنات في يوم وليلة دون أن يعلم صالح وحلفاؤه الجدد أن هذه ستكون نهايته حيث قتل صالح خلال ساعات على يد الحوثيين في روايات متضاربة أبرزها أنه كان يتحرك لترك منزله في صنعاء للذهاب إلى مسقط رأسه بعدما ضاق الخناق عليه ولم يجد ردة الفعل التي ينتظرها من أنصاره وإذا نظرنا لهذه التطورات باختصار نجد أنها تكشف عن أسرار كثيرة في العلاقات السرية التي كانت بين صالح ومن دعموا انتفاضته المباركة ومع تسريبات لمكالمات هاتفية بينه وبين الحوثيين وبينه وبين آخرين نجد أن لغة المليارات بل عشرات المليارات من الدولارات التي كان من المفترض أن تنفق على الشعب اليمني الفقير وأن تنهض باليمن قد نهبت، بينما استخدام جانب كبير منها في تدمير اليمن وتهجير وقتل شعبه أما النهاية الدامية لصالح فهي النهاية الطبيعية لأي ديكتاتور مستبد يتلاعب بالقوة والسلطة التي منحت له ويستخدمها في التدمير وليس الأعمار، أما الحلفاء فيجب أن يدركوا أن الله الذي يصرف الأمور في النهاية وليس من يملك القوة أو الأموال.
لم نكد نتأمل في مقتل صالح ومآلاته حتى خرج علينا الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليعلن اعترافه بالقدس عاصمة لأسرائيل ويتعهد بنقل السفارة الأميركية إليها، لكن ترامب الذي لم يكن إعلانه إلا دعاية فارغة وتنفيذا لوعود قطعها على نفسه للوبي الصهيوني الذي دعمه في الانتخابات فوجئ بموجة معارضة عارمة من حلفائه أولا ثم يقظة شاملة في الشارع العربي والأسلامي شملت حتى المناطق التي تشهد حروبا ونزاعات مثل سوريا واليمن وليبيا وغيرها من المناطق الأخرى، لقد أشعل ترامب بقراره انتفاضة جديدة بدأتها أجيال فلسطينية جديدة لم تكن قد ولدت حينما اندلعت الانتفاضة الأولى في نفس تلك الأيام من العام 1987 والتي غيرت مجرى الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين وأثبتت أن الشعب الأعزل إلا من إرادته يمكن أن يواجه واحدا من أكبر وأقوى الجيوش ويجبره على الرضوخ والتراجع، كما أعاد ترامب بقراره للعرب والمسلمين اهتمامهم بقضيتهم الأولى التي ظلوا يعتبرونها قضيتهم المركزية حتى قيام ثورات الربيع العربي التي دعت الشعوب للانكفاء على نفسها لكن قراره أعاد أعلام فلسطين لترفرف في أرجاء الدنيا حتى أمام البيت الأبيض في واشنطن وأن يهتف الناس في كل مكان وبكل اللغات باسم القدس وفلسطين.
لكن الطامة الكبرى جاءت من دولة خليجية أرسلت وفدا من أبنائها لزيارة إسرائيل وتحدي إرادة الشعوب التي خرجت ضد إسرائيل في أرجاء الدنيا حيث يعتقد هؤلاء السفهاء أن الركض نحو إسرائيل يمكن أن ينجيهم من المصائر التي تنتظرهم.
هذه المشاهد والصفحات التي تتقلب في أيام قليلة وتعكس أحداثا وتطورات كبيرة ما هي إلا لقطات يبدو أنها ليست الأكثر إثارة في تطوارات الأحداث التي ستشهدها الأيام القادمة والتي يبدو أنها حبلى بالكثير؟!!

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
12/12/2017
11209