+ A
A -
مثل الخفافيش التي تتحرك في الظلام ذهب الأسد إلى سوتشي بدعوة من بوتين ولولا إعلان بوتين عن الزيارة ما علم أحد، لكن بوتين الذي استدعى الأسد أعلن أول أمس الثلاثاء أن موسكو تعمل مع الولايات المتحدة وزعماء المنطقة علي تسوية طويلة الأمد في سوريا بعد انتهاء القتال ضد الارهاب ــ على حد زعمه ــ.
وأكد بوتين على أن أي تسوية سياسية يجب تنفيذها تحت رعاية الأمم المتحدة .هذه العبارات التي قالها بوتين كافية لتأكيد أن هناك طبخة سياسية قد أعدت وقاربت النضج فيما يتعلق بسوريا وهذه الطبخة أعدتها وطبختها روسيا برضا أميركي وترتيب مع إيران وتركيا التي من المقرر أن يجتمع ممثلوها هذا الأسبوع من أجل التباحث في خطوات هذه التسوية، ويبدو أن الأسد سيبقى على الأقل ولو لمرحلة جزءا منها، هذه الطبخة السياسية الروسية هي الأساسية وكل ما سواها من مؤتمرات ولقاءات وتجمعات يعتبر هباء منثورا، وربما هذا ما جعل أكثر من عشرة من كبار المفاوضين السوريين يستقيلون من مناصبهم لأنهم تأكدوا بأن ما يجري ليس سوى عبثا بسوريا وشعبها تماما مثلما يجري في كل المفاوضات مثل المفاوضات الفلسطينية علي سبيل المثال حيث كانت حنان عشرواي والدكتور عبد الشافي يجرون مفاوضات علنية بينما كان أحمد قريع وآخرين يجرون مفاوضات سرية في أوسلو انتهت بالاتفاقية المعلنة بينما كان عبد الشافي وعشراوي فقط مجرد غطاء إعلامي ـ دون أن يعلموا ـ لما كان يجري في أوسلو، ومن المؤكد أن بوتين حينما استدعي الأسد إلى سوتشي لم يكن يتباحث معه في شيء وإنما يملي عليه ما يجب فعله فالأسد مجرد حجر علي رقعة الشطرنج الدولية التي تحرك الصراعات في روسيا وسوف يتخلصون منه حينما ينتهي دوره.
الآن تحاول روسيا مع حزب الله وإيران صناعة انتصار علي تنظيم الدولة التي لم تكن الحرب في البداية ضده ولم يكن موجودا علي الساحة السورية أو العراقية وإنما هو صنيعة كما تؤكد كل التقارير للتغطية علي جرائم تلك الأنظمة بحق الشعبين السوري والعراقي، من ثم فإن صناعة انتصار علي داعش الآن هو بهدف تهيئة الجو لمناخ فرض الحل السياسي علي كل الأطراف وإعلان الحرب علي الطرف الذي يرفضها، لكن هذا لا يعني أن سوريا في طريقها للهدوء أو السلام، فالظلم لا يمكن أن يؤدي إلى سلام أو استقرار لاسيما وأننا أمام دولة محطمة ونصف شعبها تحول إلى لاجئين وقتلي ومعوقين وكما فرض الحل الطائفي علي العراق يفرض الحل الطائفي على سوريا الآن التي يتم تقسيمها طائفيا وعرقيا بشكل يشكل خطورة بالغة على علاقات الناس بعضها ببعض في مجتمع شهد استقرارا امتد قرونا طويلة، لكن العبث بتركيبته الآن وتحويل سوريا إلى دويلات طائفية وعرقية يعني باختصار شديد صناعة حروب في المنطقة لا نهاية لها وصناعة قلاقل ومظالم وجرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا ستظل قائمة عشرات السنين.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
23/11/2017
9939