+ A
A -

تعرض المغرب إلى واحدة من أخطر المآسي الطبيعية في تاريخه الحديث من خلال زلزال «إقليم الحوز» الذي تسبب في مقتل الآلاف وفي دفن قرى بكاملها تحت التراب. كان التوقيت قاتلا لأن الهزة الأرضية العنيفة حدثت ليلا وهو ما ضاعف من أعداد القتلى والمفقودين كما أن الطرق الجبلية الوعرة لمعظم المناطق التي ضربها الزلزال قد صعّبت من تسريع عمليات الإغاثة والإنقاذ.

بلغت الاحصائيات الرسمية أكثر من ألفي فقيد وهي حصيلة أولية بسبب عدم قدرة فرق الإنقاذ على بلوغ كل المناطق المتضررة وهو عدد مرشح للارتفاع. لكن من جهة ثانية برهن المغاربة عن قدرة كبيرة على سرعة ردّ الفعل الشعبية بخلق حالة من التضامن غير المسبوقة في جمع التبرعات والمواد الغذائية ونجدة المناطق المنكوبة وسط تقصير حكومي واضح.

تعلل كثيرون بأن المناطق المعزولة صعبة البلوغ لكنه عذر لا يستقيم أمام قدرات الدولة التي يستوجب أن تكون باسطة سيادتها على كل شبر من أرضها. لكن ما اكتشفه الناس هو هذا المغرب العميق الذي لا نراه في البطاقات السياحية التي تصدرها الحكومة حيث الفقر والإهمال وانعدام المواصلات وترهل البنية التحتية.

صحح أن كثيرين وضعوا مسؤولية ما حدث على القضاء والقدر لكنه تفسير لا يجيب عن تخلف شبكة الطرقات وغياب الضمانات العمرانية لحماية السكان. لقد كانت القرى التي ضربها الزلزال عبارة عن تجمعات سكنية من الطين في وسط قروي فقير تقع في مناطق نائية بجبال الأطلس وهو ما ضاعف من انعكاسات الهزات الأرضية عليها.من جهة أخرى أثار زلزال المغرب تصدعات أخرى في العلاقات الدولية بين المغرب وجيرانه من ناحية وخاصة الجزائر وبين الرباط وفرنسا من ناحية ثانية. فقد رفضت السلطات المغربية المساعدات الفرنسية والجزائرية على حد سواء لأسباب تتعلق بالعلاقات بين البلدين وما تمرّ به من توتر خلال المدة الأخيرة.

فالعلاقات مع الجزائر لا تزال تتميز بالقطيعة بسبب ملف الصحراء الغربية من جهة وبسبب رفض الجزائر مساعدات المغرب خلال الحرائق التي ضربتها في السنوات الأخيرة. أما الموقف من فرنسا فيكشف عمق التوتر بين باريس والرباط بسبب عدد من الملفات المشتركة وعلى رأسها دعم فرنسا وسكوتها عن التهديدات الجزائرية الصريحة للتراب المغربي وضرب وحدتها الترابية.كشف زلزال المغرب عن تردي البنية التحتية في المغرب لكنه كشف أيضا عمق التلاحم الشعبي والتضامن المجتمعي وهو ما يفرض على السلطات قراءة الدرس جيدا لمنع تجدد كوارث ثقيلة بهذا الحجم[email protected] -

copy short url   نسخ
14/09/2023
185