+ A
A -

صحيح أن إفريقيا محسوبة على دول وسطها وجنوبها أو ما يسمى «القارة السمراء» رغم وجود جزء كبير منها مغطى بالكيانات العربية في الشمال وصولا إلى الصومال والسودان وموريتانيا. لكن ما يهمنا هنا هو تأثير ما يحدث هناك على الواقع العربي وعلى التغيرات السريعة التي تشهدها المنطقة وسط عاصفة من التسريبات والتكهنات والتأويلات والتنبؤات.

انقلاب النيجر ثم انقلاب الغابون في قلب منطقة النفوذ الفرنسي يؤشران معا على تحول عميق في موازين القوى بالقارة التي تثير لعاب القوى الدولية القديمة والجديدة. فالروس والصينيون يواصلون التوغل داخل الاقتصادات الإفريقية بعد قرون من الهيمنة الأوروبية التي خلفت وراءها كوارث لا يمكن حصرها.

من جهة أخرى تحاول الدول الأوروبية ومعها الولايات المتحدة الأميركية تدارك الموقف لأن الصراع على إفريقيا وثرواتها الكبيرة هو الذي سيحدد أوزان عدد من الاقتصادات العالمية. من هذه الزاوية لا ينفصل الصراع في إفريقيا عنه في أوروبا الشرقية بين روسيا وأوكرانيا لكنه يمثل طورا جديدا من أطوار النزاع على مناطق النفوذ في العالم.

عربيا تبدو أفريقيا العربية معنية بشكل مباشر بما يحدث من صراعات القوى الدولية على أرضها أو على حدودها المباشرة ومجالها الحيوي. فما حدث خلال الثورات الأخيرة من تدخل القوى الدولية كما هو الأمر في ليبيا وسوريا واليمن قد أكّد على أن هذه المنطقة لا تزال ترزح تحت التأثير المباشر للقوى الدولية المهيمنة عسكريا واقتصاديا.

لا يمكن إذن فصل المشهد في إفريقيا جنوب الصحراء عنه في المنطقة العربية كما أن هذه الدول تعتبر اليوم ساحة أساسية من ساحات الصراع بين الأقطاب الجديدة الأمر الذي ظهر جليا بعد الثوة الليبية وكذلك في السودان المجاور مع تمدد الميليشيات الأجنبية وخاصة ميليشيا فاغنر.

استقرار إفريقيا وأمنها هو الضامن لاستقرار جزء كبير من البلاد العربية ولا يمكن اعتبار الفوضى الزاحفة عليها إلا تهديدا صريحا للمنطقة كلها من المحيط إلى الخليج.

copy short url   نسخ
07/09/2023
25