+ A
A -

اليأس قاتلٌ فلا شك ولا خلاف في ذلك لكن هل يمكن أن يكون الأمل قاتلا أحيانا وكيف ؟ لعلّ أقرب مثال لتوضيح الفكرة يمكن سرده من واقع التاريخ الياباني حيث تروي الأسطورة أن الامبراطور الياباني فشل في كسر صمود أحد القلاع فعزل قائد الجيش وعوّضه بجنرال شاب.

في ظرف قصير تمكّن القائد الجديد من كسر صمود القلعة وكذا فعل بكل الحصون والقلاع بعدها. استدعاه الامبراطور وسأله عن سرّ نجاحه فأجاب أنه كان يعمد حين يحاصر القلاع والحصون إلى ترك منفذ صغير يعبر منه من يريد النجاة بنفسه فيقتل فيهم حماسة المقاومة ويهديهم الأمل القاتل. فقد كانت جنود القائد تنتظر هاربين في مكان آخر لقتلهم ولا ينجو منهم إلا عدد قليل. فهم الجنرال الجديد أن إغلاق كل المنافذ وسبل النجاة على المحاصرين يحوّلهم إلى وحوش كاسرة لأنهم يقفون أمام موت محقق لكن عزيمتهم تفتر حين يعلمون أنّ هناك سبيلا للنجاة.

الأمل الكاذب إذن هي جرعة من المسكنات في جسد يتطلّب الحركة وردّ الفعل وهو الأمر الذي ينسحب على كثير من الشعوب العربية ووعيها الجمعي.

أليست أدبيات الأمل الكاذب أشبه بالمسكّن والمخدّر لجسد مريض يحتاج تدخلا جراحيا عاجلا ؟ألا نحتاج اليوم إلى مشروع حضاري للخروج من حالة الموت التي سقطنا فيها ؟

أليس هذا السلوك نوعا من الأمل القاتل ؟ أليس أحرى بالنخب اليوم مصارحة الشعوب بحقيقة واقعها وبما يترصدها من الأخطار والمنزلقات التي لا يمكن الخروج منها ؟ أليس دور المثقف والكاتب والمفكر اليوم هو تنبيه الغافلين إلى المسارات التي يأخذها البعض بهدف منع البلاد من الانزلاق نحو المجهول.

copy short url   نسخ
31/08/2023
25