+ A
A -

أحب السودان وأهل السودان الكرام الأحباب، وبيني وبين أهلها وناسها علاقات وطيدة، ولقاءات عديدة، وذكريات حميدة، شعب لطيف ودود مضياف، وبيني وبين أخي وحبيبي المستشار القانوني عبد الماجد بشير عبد الماجد تواصل جميل من النوع الخفيف اللطيف الممزوج بالنكات واللطائف والخفايف والمداعبات والمرح، فتسود السعادة والضحكة والفرحة والبهجة والفرحة بيننا. من قريب أرسلت للغالي الصديق فيديو بعنوان «وتزوج عليها خلف»، فعلق عليه بمثل جميل من التراث العربي عنونا به مقالة اليوم. إن الأمثال الشعبية هي التراث الشفهي الباقي من أجدادنا، والحفاظ عليها وتداولها في التعليقات والمقالات والردود يعبر عن ثقافة ودراية وبلاغة صاحبها وسعة أفقه وثقافته، واطلاعه وهذا يعجبني، «هذا اللي بلا أبوك يا عقاب» يعد مثلاً من الأمثال العربية الشعبية الشهيرة التي قالها الشاعر والفارس (نمر بن عدوان)، حينما كان يرثي حاله في وفاة زوجته (وضحه) ووضحى ومعناها الفتاة الحسناء الجميلة، البسّامة النقية، التقية الحيية. وحتى لا نستطرد كثيراً ونخرج عن الموضوع كعادة الكتّاب في الغالب، فإن قصة هذا المثل «هذا بلا أبوك يا عقاب» قائله الشاعر الفارس (نمر بن عدوان) صاحب أشهر قصص الحب والفروسية والشجاعة، يحكى أن ابن عدوان تزوج من محبوبته «وضحه» التي اشتهرت بجمالها الأخّاذ وأخلاقها ونشاطها الدائم وحيويتها، وقيل إنه لم تكن هناك من تفوقها في الجمال شكلاً ومضموناً، وقد حدث ذات مساء أن قتل ابن عدوان زوجته وضحه دون قصد منه - بالخطأ، حيث حسب أو ظن أن أحد الدخلاء السارقين «البوّاقين» يريد أن يسرق فرسه التي كانت في منزله ومربوطة بالشجرة، فأطلق على السارق النار من بندقيته وأرداه قتيلاً. وبعد أن كسر الظلام بشعلة نار، جنّ جنونه حين أدرك ما فعله وأن الذي أرداه قتيلاً ما هو إلا زوجته وحبيبته وأم ولده (عقاب)، حينها تبين الحقيقة وجن جنونه، واستمر بعد هذه الواقعة يكتب القصيد تلو القصيد.. يرثيها ويبكيها، ثم اقترح عليه أهله وناسه أن يتزوج لينساها، ولتربي له الزوجة الجديدة ابنه (عقاب)، وقد تزوج بعدها أكثر من امرأة، ولكن لم تكن منهن واحدة تشبهها في وقار شخصيتها وهمتها ونشاطها وجمال شكلها، وفي كل مرة كان ولده (عقاب) يأتي إليه شاكياً من أمر ما يخص تقاعس وإهمال زوجة والده أو سوء تعاملها معه، وكان ابن عدوان يذكر زوجته وضحه وكيف كانت تملأ البيت حيوية ونشاطاً وجمالاً، فيتحسر ويقول: «هذا بلا أبوك يا عقاب»، إشارة إلى البلاء الذي جلبه لنفسه، نتيجة ذلك الخطأ الذي ذهبت أم عقاب ضحيته.. حبيبته ومعشوقته وفتاته وزوجته، ثم صارت وذهبت مثلاً يردده الناس بإحساس وصرنا كلنا نردده كحال صديقنا الجميل القانوني الحقوقي الأكمل والأمثل والأجمل حتى تهون المصائب والويلات علينا، وعلى الخير والمحبة نلتقي.

copy short url   نسخ
04/07/2022
25