+ A
A -
كلما قرأت أكثر عما يحدث حولنا من اختراعات وتجديدات (INVENTION AND INNOVATIONS) ازددت اقتناعاً أن الطابعة ثلاثية الأبعاد ستحل محل الهاتف الذكي كرمز، بل أيقونة للثورة الصناعية التي نحن على أبوابها.. وكما ذكرت من قبل فإن كلمة طابعة هي في الحقيقة خادعة.. ذلك لارتباطها في ذهن الجميع بالورق والحبر والألوان.. الطابعة ثلاثية الأبعاد هي أكثر من ذلك بكثير. هي في الحقيقة تطور مدهش أو مذهل في تكنولوجيا التصنيع.. إنها ستعيد بناء العلاقة بين المنتج والمستهلك بحيث سيكون من الصعب عليك أن تفرق بينهما.. أعتقد أنه سيكون هناك نوع جديد أو طبقة جديدة من الأفراد الذين يمكن أن يطلق عليهم مصطلح «المنتهلكين»! وهذه ترجمه لمصطلح الـ«PROSUMER» أي المستهلك المنتج. أو الفرد الذي يتدخل في تصميم وإنتاج السلع التي يقوم باستهلاكها.
سيكون بمقدور أي فرد يمتلك طابعة ثلاثية الأبعاد أن يقوم بتصميم المنتج الخاص به وباستخدام الطابعة وجهاز الكمبيوتر، يمكن لهذا التصميم أن يتم إنتاجه (طباعته) سواء من البلاستيك أو المعدن أو أي مواد أخرى.. كما يمكن أيضاً أن يقرر الفرد طباعته عدة مرات وتوزيعه– ويبدأ بذلك نواة المشروعات الصغيرة.. المنتجات الاستهلاكية تعتبر نموذجاً مثالياً للطباعة المحلية (حسب الطلب)، بدلاً من أن يضطر طالبها أن يذهب لشرائها من المحلات التجارية، فهو (طالب السلعة) يصنع بنفسه قميصه وحذائه وحتى معجون أسنانه. وللقارئ أن يتخيل مدى التغيير الذي يمكن أن يحدث من خلال إضفاء هذا الطابع الشخصي والديمقراطي على عملية التصنيع.. من المؤكد أنه سيتم خفض التكاليف اللوجستية مع إمكانية تحقيق وفورات ضخمة في الطاقة.. كما سيسهم ذلك أيضاً في خفض تكلفة نقل المنتجات أو تخزينها أو عرضها.. ولذا يتوقع أن تزدهر الأنشطة المحلية التي يتم فيها تصميم البضائع الشخصية أو الخاصة وبجزء يسير من التكلفة.
في منتدى دافوس أو المجلس الأعمال العالمي المعني بمستقبل البرمجيات والمجتمع كانت هناك دراسة استقصائية شملت 800 من المديرين التنفيذيين في مجال الحاسبات والتكنولوجيا– نشرت نتائجها في سبتمبر 2015- لمعرفة متى يتوقع رواد وقادة الأعمال أن تدخل هذه التكنولوجيات الحديثة مجال أو حيز التنفيذ العام.. حين تم سؤال هؤلاء القادة عن الطابعة ثلاثية الأبعاد أجاب 76 % منهم أن نقطة التحول هذه ستحدث بحلول عام 2025.. حيث سيتم إنتاج 5 % من حجم الناتج القومي العالمي بواسطة هذه الطابعات.. أما في عام 2060 فسترتفع هذه النسبة إلى 50 % كما سيكون ثلث حجم التجارة العالمي سلعاً منتجة بواسطة الطابعات ثلاثية الأبعاد. ولا تتوقف التطورات في هذا المجال عند حد الآن.. فهناك الجديد كل يوم.. فمن المتوقع أن تستخدم هذه الطابعات في عملية خلق الأعضاء البشرية.. فمن المعروف الآن أنه في عام 2025 ستتم عملية زرع كبد مصنع بواسطة الطابعة ثلاثية الأبعاد.
ولذلك لا بد أن يكون لهذه الطابعة المنتجة تأثيرات إيجابية على المستوى الشخصي والاجتماعي من زيادة الرفاهة أو تدنيه للتكاليف.. ستكون السلع المنتجة أكثر تخصيصاً وامتثالاً للحاجات الشخصية للمستهلك، حيث يكون لكل عميل احتياجات مختلفة قليلاً عن المنتج النمطي- على سبيل المثال، يتطلب شكل قدم معين حذاء ذي حجم خاص أو شكل خاص بحسب قياس وشكل القدم.. كما ستساهم هذه المنتجات في التقدمات الهائلة في المجال الطبي ورفع المستوى الصحي من خلق للأعضاء أو تصنيع للجلد البشرى... إلخ.. هذا وتخفيض التكاليف اللوجستية، وتوفير السلع الوسيطة يمكن أن يؤدى إلى إعادة تدوير بعض المواد حتى تتم الاستفادة الكاملة من هذه العملية الإنتاجية/ الاستهلاكية.
أما الآثار السلبية الناتجة عن انتشار الطابعات ثلاثية الأبعاد يمكن تلخيصها في انخفاض الطلب على السلع المصنعة بصورة شخصية، مما يؤدى إلى فقدان الوظائف.
(يتبع)
بقلم : حسن يوسف علي
copy short url   نسخ
20/10/2017
2595