+ A
A -

في القرآن إشارات لحقائق لم تكن معروفة بل ولم تكن موجودة وقت نزوله، واجتهد المفسرون في محاولة فهم المقصود منها، ولكن لم تكن لديهم المعرفة والعلوم والمناهج التي تساعدهم على ذلك، وظلت هذه الإشارات موضوعا للبحث والاجتهاد من علماء الدين إلى أن شاء الله أن يفتح أمام العلماء أبواب المعرفة فنظروا إلى هذه الإشارات في ضوء ما استجد في الحياة المعاصرة وما تحقق من إنجازات في مجالات العلوم الحديثة.
من هؤلاء نابغة العلوم الطبيعية الراحل الدكتور منصور حسب النبي الذي توقف عند قوله تعالى «والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، ويخلق ما لا تعلمون» (النحل -8).
فكان أول من قال إن قوله تعالى «ويخلق ما لا تعلمون» هو إشارة إلى ما في علم الله ولا يعلمه أحد من البشر في ذلك الوقت من أن وسائل المواصلات وهي من أفضال الله على الناس لن تقتصر على ما يعرفونه وقت نزول القرآن، ولكن سوف ييسر الله بعد ذلك وسائل مواصلات أخرى من بواخر وطائرات وصواريخ وسفن فضاء وما يمكن أن يتوصل إليه أبناء الأجيال القادمة مما في علم الله.
ويتوقف عند قوله تعالى «قل وهو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض» (الأنعام-65).
فيرى أن إشارة الله إلى صور العذاب المختلفة لا تقتصر على الكوارث الطبيعية كالصواعق والبراكين (من فوقهم) أو الزلازل (من تحتهم) ولكنها تشمل اليوم عذابا يذيقه الله بقدرته من يشاء من عباده وهي وسائل من صنع الإنسان وليست من صنع الطبيعة مثل القنابل والصواريخ (من فوق) والألغام (من تحت) وفي عبارة «ويذيق بعضكم بأس بعض» إشارة إلى تسلط دولة على غيرها وتسلط جماعة على جماعة وإلى اختراع وسائل يذيق بها البشر العذاب لبعضهم البعض من الغواصات والطوربيدات (من تحت) والطائرات والأقمار الصناعية المحملة بأسلحة الدمار(من فوق) فضلا عن استخدام الطاقة الذرية وأشعة الليزر في العدوان..
وفي الآية «والقمر إذ اتسق، لتركبن طبقا عن طبق» (الانشقاق 18 و19). فيقول العالم إن فيها إشارة إلى الصاروخ متعدد المراحل الذي تم استخدامه في حمل سفن الفضاء إلى القمر عام 1969.
وفي الآية الكريمة «لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدو لله الذي خلقهن» (فصلت-37) يقول إن لفظ «خلقهن» بضمير الجمع بدلا من المثنى– الشمس والقمر- ولم يقل «خلقهما» كما تقتضى اللغة، والآن نفهم في ضوء مستجدات العلم أن المقصود ليس الشمس والقمر ولكن في علم الله وقدرته أنه سبحانه خلق في الكون عددا كبيرا من الشموس والأقمار لم يكن قد علم بها البشر وقت نزول القرآن.
وفي الآية الكريمة «ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا» (نوح -15 و16) لم يدرك المفسرون الدقة في التعبير ودلالته إلا بعد أن اكتشف العلماء مؤخرا أن الشمس هي الأصل، وهي السراج المتوهج وهي مصدر الضياء أما القمر فقد وصل إليه الإنسان فوجده جرما ليس فيه حياة، ووجده مظلما، وإن كان يبدو مضيئا فذلك لأنه يعكس ضوء الشمس، فهو يبدو نورا بينما الشمس هي السراج المنير، وهذه حقيقة علمية أكدتها التجربة والمشاهدة.
بقلم : رجب البنا
copy short url   نسخ
14/10/2017
3261