سهـــــام جاســــمالبوح الإداري والتعبير الشفاف النابع من الضمير المهني الذي يتعايش مع الجماعات بود أمر طيب وجميل ومع الوقت يُكسب الأشخاص نوعاً من تبادل الخبرات وعمق النظرة للحياة المهنية التي تستحوذ على جزء ليس ببسيط من اليوم بل العمر بأكمله...
وليكن حديثنا اليوم مبنياً على الخبرات والتجارب المنقولة والمرئية، وعليه سنُقيم تصنيفاً لما شوهِد ولوحِظ لأنواع مختلفة من المديرين وإليكم شيئاً منها:
-المدير الانطوائي: مدير لا يُخالط الموظفين كثيراً، ويتكلف أكثر عندما يتواصل مع موظفيه، لكن لديه ثلة من المقربين الذين يحظون بالشيء الكثير من تقديره لذا يخشاهم كل من في الإدارة ذلك لأنهم ينقلون تقريراً سماعياً يومياً عن كل موظف وحبذا لو كان مثيراً لسخط المدير ليتبين حرصهم ونزاهتهم من ذلك النقل، وهكذا تُدار الإدارة عبر الإذنين، وهكذا تُدير الإدارة الثُلة..!
-المدير الغامض: لا يُكلف نفسه عبء توجيه وإرشاد الموظفين ويظل طيلة العام يُشعرك بأنّه في رحلة صيد يتصيد فيها ما يطيب له حيث ينصب الفخاخ لأخطاء الموظفين عوضاً عن مناقشتهم حولها من قبل لتفادي حدوثها، وهو يُحسن بث أجواء التوتر والنفور في الإدارة، كما يُثبت جدارته في إدارة الاجتماعات التي لا طائل منها بحرفية ومهارة، وغالباً ما تتسم الفترة التي يتسلم فيها مثل هؤلاء المديرين مهامهم بأنّها فترة الاحتضار الإداري - لروح تلك الإدارة السلام والرحمة - وحتى تنتهي تلك الفترة لم يكن أحد ليعرف وفقاً لأي رؤية مضت تلك الإدارة؟ وما الذي أراد تحقيقه ذلك المدير؟ وأين راحت خبراته الموعودة التي ستثري الموظفين؟ للأسف كل شيء غامض!
-المدير الذي ينسب الإبداع لنفسه: عندما ينضب معين الإبداع الإداري وتندر المقترحات الخلاقة التي تضفي على الإدارة طابع الابتكار والتميز والجودة، يصبح من مهام الموظفين الأساسية وضع المقترحات التي يعجز المدير عن الإتيان بها، فتجد فلانا من الموظفين يقترح ويضع خطة التنفيذ ويُنفذ أيضاً، ليشكره المديرعلى كلّ ذلك ثم يطمس اسمه، وينسب المقترح الفذ لنفسه، يعد هذا النوع من المديرين من أهم أسباب تثبيط الهمم، وإحباط محبي النماء والتطوير في العمل الإداري، لأنّ لا ثمار للجهد المبذول ولا أمل يُرتجى من الطموح في ظل وجودهم...
-المدير المحارب للمتفوقين: هذه القصة القصيرة جداً تتكرر في عدد لا بأس به من الإدارات والحيوات المهنية، وسرعان ما تنتشر حولها الأقاويل القائلة «فلان يحاربه المدير لأنّه أفضل منه، المدير خائف على كرسيه، المدير يحفر لفلان حتى يتخلص منه» وكم أمقت كلمة فلان «يحفر» لأنّها تذكرني بالخُلد الذي يحفر في التربة ليمارس بياته الشتوي الطويل الأجل ! ولا يحفر إلا الخامل ضعيف الهمة...
مثل هؤلاء المديرين لا يحملون وزر موظف واحد فقط إنمّا يحملون وزر مؤسسة ووزر وطن ساهموا في تدمير كفاءاته بينما يدعون تشجيعها ودعمها!
كانت تلك مجموعة مختارة من أنواع المديرين، ولكن ماذا عن الموظفين؟ ! أظن أنّ الموظفين تتنامى جماعاتهم تبعاً لتلك القيادات فهم قومٌ يتعلمون بالملاحظة ويستقبلون الأوضاع المتغيرة بتفهم شديد واحتواء أيضاً ومرات قليلة بسخط..!
لذا تنشئ في المجتمعات المهنية عادات وتقاليد خاصة بكلّ مهنة وإدارة كما تعيش معهم تلك الشخصيات الإدارية كالأسطورة بإيجابياتها وسلبياتها ثم يتحولون لنماذج إدارية تشبه أولئك المديرين الذين انتقدوهم أو مجدوهم يوماً ما، ويستمر كل ذلك إلى أن يأتي المدير المثالي والنموذجي ليحقق الإصلاح المنشود ولكن في ذلك الحين لن يجد فيه جميع الموظفين مُصلحاً إدارياً إذا ما تعارض الإصلاح مع عاداتهم وهكذا دواليك تستمرالتحديات لتتصدر كل جبهة ولكن بشكل مختلف!
في النهاية الإدارة بحاجة للإنسان القائد ذي الخبرة والحكمة مع الكثير من الإبداع والفن!
كلمـــة أخيـــــرة:
يقول أنطون تشيخوف في كتاب دفاتر سرية:
«إننا لسوء الحظ، نسعى إلى حل أبسط المسائل بطريقة ذكية، وهكذا نعقدها تعقيداً غريباً. دعونا نفتش عن حل بسيط».