+ A
A -

جاءني المخاض، فحقنت بمخدر لإحداث فقدان الإحساس، فما رأيكم أني كنت أول من أحس بها حين كانت من جسدي تَمور، وأول من صفق لصعودها على مسرح الحياة. وضعوها بين يَدَي، فجاء لقائي الأول بها ليُلقح الأمومة مباشرة في الوريد. وانهمر العشق من الرحم إعصارًا عسلي العينين لمصرية تنافس الغيد سحرًا؟شبّت الدانا، وبعد أن كنت لها رحمًا، صارت لي وطنًا.إلتفت لضعف تحصيلها الدراسي للعربية، فزارني هاجس أنها ستعجز عن استكمال دراستها، إذ لمست مشقتها في التفرقة بين الصاد والضاد، كعروس مُترفة تعجز عن التمييز بين البقدونس والكسبرة، فكان والدها يكلفها يوميًا بكتابة «ص» مائة مرة.تخط حتى تسمع صرير باب غرفته، فتلوذ بمكتبي تستعطفني بالعسليتين:إسعفيني باسم الحرف؟:ص انتابتني مشاعر أم مغتربة وصلها مرسول من طبيب والدها يفيد بحتمية ترك مسؤولياتها بالغربة، لأن جللاً له الأولوية بحاجة إليها في الوطن،فتركت عملي للاهتمام بها حتى تصالحت مع الأبجديتين.اخضرّت الدانا فأخذت عني عشق الدراجات، وكانت صحبتها لي هي النعيم.كنا نتسابق، فتدور حولي ككأس مُعَتّقة، فأسبقها وأهذي لتسبقني بالأمس، اقترحت عليّ السباق، فوجدتها رصاصة، فأطلقت مدافعي.تقاربنا حتى سمعت ضجيج أنفاسي كمحرك سيارات سباق غضوب. أوشكت أن أتخطاها، لكنها سبقت.عدوت لإسعاف كبريائي، عاكست عقارب الزمن، وأطلقت استغاثة للسماء، فكانت الغلبة لي.ابتهجت، فإذ بدانا تخبرني أنها كانت تخفف سرعتها لتتيح لي الفوز قلت: ص ص ص ص ص بعد التمرين، أصرت ناعمة الظُّفْر على المعاودة فظفرتقلت: ولو، ص ص ص لحنطتي، لجواهري-ليت عداد العمر أن يُصَفّر لتوقي لإشراقات عُذرية مع طفولتكم حين كنتم ترمونني بقبلة الصباح، فتسقونني كأساً من سلافة البهجة.معكم خضعت للتداوي بتقنية العناق حيث غمرة أحدكم بأثر شريط مهدئحيث العناق بمنزلة معاهدة ملزمة بتحريم الخِذْلان حيث منطوق ثلاثتكم المبعثر يدفعني لامتطاء صهوة الكتابة حيث ابتسامة أكبركم تصب على مُدَام ليلي، ثلج النهار حيث ثَرثرة عيونكم قلقًا علي إصابتي بصداع، كفيلة برأب الصَدعحيث ميولكم أهلتني لإعادة هندسة عواطفيحيث زاوية بطرف فراشكم اختصرت لي الكون حيث دقيقة تزلّف من جانبكم تَختزل الزمنحيث صور مراحي معكم وإلقائي بكم في الهواء، كصانع «بيتزا» يتلاعب بعجينته ما زالت تشعل أمسي، فلا احرق الله لكم غدا.حيث الزهرة اخفت سِرّها بين ثلاث خمائل، فنقضت عن كاهلها هَم، عُتُلّ بعد ذلك ثقيل.حيث أضفتم لرفقكم معي مداهنة، كمن مسح إلية الشاة بالسمن.حيث أتيه بتعلقكم بي تعلق الكُتّاب بالمقاهي.-كلما تقصيت قياسات أقدامكم إعتبرته نذيرًا لساعة الترجل للرحيلفسائل العمر: ألم أحمي حقلي وشجري؟ ألم أمنع الأطيار أن تنوش سوسني وثمري؟وإنني صدقًا لا أماري، لا أماري.أرابكم مني أمر لتهجروا الدّالية لحقول السنديان؟ليتني أماري، ليتني أماريقد أكون أسن منكم بثلاثين إخفاقا، وعقدين من ترهل الأهداف، وسبع حقن من «البوتوكس»، ونصف قرن من الإصرار، بيد أننا أتراب أو قد أصغركم بدمعة تمحوها قفزة «تسونامية» في المسبح.في يومٍ خريفي آتٍ، سأكون مدججة بالتجاعيد وستكونون مخضبين بالرفاه، فإن نسيت الأسماء والحروف، فتذكروا «ص ص ص ص» صبر ولا تنسوا أني كنت لكوانين دمعكم، ممظلة.لكم ربت على موائكم بين ضلوعي، فرفقًا بتغيرات فصولي، ولا تغضوا الطرف عن «أيلولي»، فقريبًا ستراودني برودة المنية عن حرارة الحياة. حين أتوسد الثرى في أحضان العراء، حين لن يعد لتوقيعي مكان بدفاتر حضور الأحياء، سأستطيب زيارتكم لكوخي بمجمع الرحيل. ضعوا عليه زهرة الداليا وزعوا عناقيد الدّالية على الأطفال هادوني بالدمع النبيلامضوا معي وقتًا زهريًا دون الالتفات لمعصمكم؟

copy short url   نسخ
02/07/2022
15