+ A
A -

لا ننكر اليوم أن المنطقة العربية لا تملك مشروعا جامعا لتجاوز حالة الوهن والركود التي أصابتها، سواء كان هذا المشروع رسميا نابعا من قرار سياسي حاكم أو مشروعا شعبيا ترفعه نخب سياسية أو فكرية ما.

إن كل تغيير يحصل من الداخل أو من الخارج سرعان ما يتحوّل إلى نزيف لا يتوقف كما هو الحال خلال الغزو الأميركي للعراق أو ما حدث خلال الثورات الأخيرة.

ما هو الحل إذن ؟الجواب على قدر كبير من الصعوبة والعسر لكنّ شروط الجواب ممكنة، أي أننا نستطيع تبيّن السياق الذي يمكن فيه للمنطقة وشعوبها وأنظمتها أن تخرج من النفق الذي لا تزال حبيسة فيه.

القناعة الأولى هي أن البقاء على هذه الحالة من الجمود السياسي والاجتماعي والفكري ليست إلا مواصلة لوضع الاستنزاف الذي سقطنا جميعا فيه. وهو ما يعني أن التغيير أو طلب التغيير صار ضرورة ملحة تصب في مصلحة الأمن القومي العربي بما فيه أمن الأنظمة الحاكمة.

القناعة الثانية هي أن التناحر والتقاتل بين الأنظمة والكيانات السياسية العربية، بما فيها حركات المعارضة، هو السبب الأساسي الذي يمنع قيام مشروع عربي قابل للتنفيذ. وهو ما يعني أنّ هذه الحالة تصبّ في مصلحة أعداء العرب والمسلمين وأن نتائجها الوخيمة لن تستثني أحدا.

القناعة الثالثة مفادها أن توظيف القوى الصلبة في الدولة العربية من جيش وأمن لصالح النظام لا لصالح الدولة والشعب سيعود بالوبال على الأمة كلها شعوبا وحكومات.

القناعة الرابعة هي أهمية الفاعل السياسي في عملية التغيير هذه لتجنب التصادم بين المكون السياسي أو السلطة الحاكمة من جهة والشعوب من جهة ثانية. أي أنه لابد من البحث عن وسائل عملية ناجعة لمنع العنف والفوضى الناجمة عن انسداد الأفق السياسي والاجتماعي في كثير من الدول العربية كما حدث خلال الثورات الأخيرة.

القناعة الخامسة تتمثل في ضرورة الاعتراف بزيف كل الأطروحات التي تدفع إلى التعويل على الخارج أو التحالف معه من أجل نهضة العرب وخروجهم من دائرة التخلف فلا نهضة للعرب إلا من داخلهم بثقافتهم ولغتهم وشبابهم ووعيهم.

هذه بعض الشروط الضرورية لوقف النزيف وإعداد ما يستطيع به الجيل القادم أو الذي يليه صناعة نهضة حقيقية قادرة على القطع نهائيا مع حالة الانهيار الحضاري وإعداد الطريق لدخول التاريخ مثلما فعلت بقية الأمم.محمد هنيد

أستاذ محاضر بجامعة السوربون

[email protected] -

copy short url   نسخ
20/07/2023
40