+ A
A -

ليست «مجموعة فاغنر» الروسية إلا واحدة من بين عشرات القوات المسلحة المرتزقة غير النظامية التي تتبع هذا البلد أو ذاك فقبلها كانت مجموعة «بلاك ووتر» الشهيرة التي ارتكبت في العراق مجازر بشعة لا توصف في أماكن عديدة منه. لا شك أنّ أغلب الدول الكبرى تملك مجموعات مرتزقة تعمل خارج إطار القانون وتكلف بالعمليات القذرة التي لا تريد الدولة أن تتورط فيها قانونيا بشكل مباشر.

لكنّ الجديد في حال مرتزقة فاغنر أنهم وصلوا إلى حدود التمرد على الجيش الروسي وعلى قيادات الجيش، وهدد زعيمهم بريغوجين باحتلال موسكو قبل أن يتراجع عن قراره بعد وساطات دولية. لا يزال أمر هذه المغامرة غامضا لكن المداهمات التي عرفتها مقراته كشفت عن صور له في ليبيا وهو يضع لحية كثيفة تذكر بقيادات الجماعات السلفية خلال المواجهات المسلحة مع حكومة طرابلس وقيادات الثورة بها.

صحيح أننا لا نملك اليوم من المعطيات المؤكدة ما يسمح لنا بتفسير حقيقة المواجهة الأخيرة بين فاغنر والجيش الروسي. فهل كانت مواجهة حقيقية أم مسرحية استخبارية؟

مهما كانت الإجابة فإن الواقعة الأخيرة تؤكد مرة أخرى خطورة هذه التنظيمات المسلحة الخارجة عن القانون وقدرتها على تهديد أنظمة بعينها بما فيها الأنظمة التي صنعتها. لكن الأخطر من ذلك كله هو صمت النظام العالمي عنها وعن جرائمها حيث لم تصنف مجموعة فاغنر كمجموعة إرهابية إلا بعد غزو أوكرانيا رغم جرائمها في ليبيا والسودان ودول إفريقيا.

إن كيل النظام العالمي بمكيالين فيما يخص مجموعات المرتزقة هذه هو الذي يفسر ما تمتعت به من حصانة من التتبعات القانونية وكيف تحولت إلى وسائل تهديد للنظام العالمي وللأمن القومي لكثير من الدول. بل إن كثيرا من الأنظمة العربية التي حاربت ثورات الشعوب قد وظفتها في ضرب مسارات التغيير مثلما حدث مع تنظيم فاغنر في ليبيا مثلا.

لن يكون مستقبل جماعات المرتزقة كما كان قبل الحرب الروسية الأوكرانية وهو أمر لا يعني الاستغناء عنها تماما بل إنها ستشهد تحولات كبيرة فيما يتعلق خاصة بوضعها القانوني دوليا. لن تسمح روسيا للدول الأخرى أن تمتلك جماعات مقاتلة خارج إطار القانون بعد أن تحرم هي من جيش المرتزقة الأضخم ممثلا في مجموعة فاغنر. الأمر الأكثر إثارة للجدل هو التالي: إذا كانت هذه الجماعات المسلحة خارجة عن القانون، فلماذا لا يصنفها القانون الدولي كلها ضمن الجماعات الإرهابية؟[email protected] -

copy short url   نسخ
13/07/2023
75