عندما نغوص في قضية »جدار المكسيك« الذي يصر دونالد ترامب على بنائه بالإكراه، نكتشف صعوبة المشروع إن لم يكن استحالته، كما نتعرف اكثر على شخصية الرئيس الاميركي التسلطية والمغامرة وغير المدروسة.
وإذا عدنا الى تغريداته بشأن الجدار الذي شكل أهم ركائز حملته الانتخابية، ندرك كم هو مصر على فرضه وتدفيع الجار المكسيكي تكاليف بنائه بالكامل.
سيمتد هذا الجدار العنصري على حدود يبلغ طولها 3200 كيلومتر وبكلفة تصل الى عشرة مليارات دولار هي ثمن الكتل الخرسانية وحدها، ويضاف اليها أجور التخطيط والتصميم والحفر وما يرافق العملية من قضايا فنية وقانونية ستظل سائدة طوال فترة البناء التي تستغرق اربع سنوات.
وتمثل تصريحات ترامب الاستفزازية للمكسيك منذ ترشحه للرئاسة وحتى اليوم، إهانة لا لبس فيها لهذا الشعب الذي وصفه أمام الصحافة وفي التغريدات بأنه شعب من المجرمين ومهربي المخدرات والمغتصبين.
ورغم انه توقف عن استخدام التصريحات المهينة بعد فوزه بالرئاسة، فما زال يلجأ الى عبارات جارحة مثل قوله ان المكسيك من اكثر الدول التي يمارس مواطنوها الجرائم، وان من الحتمي بناء الجدار وإنهاءه، على ان يدفع المكسيكيون التكاليف بطريقة أو بأخرى.
غير ان إلحاح ترامب على إجبار المكسيك على دفع المليارات، ودون اي مساهمة من قبل الولايات المتحدة، تأكد تماما عندما قال بلهجة تحد واضحة: »ستدفعون يعني ستدفعون«. أما الخارجية المكسيكية فقد ردت بسرعة: »لن ندفع بأي طريقة وتحت أي ظرف ثمن الجدار، ونحن حين نقول ذلك لا نناور من اجل التفاوض، بل هذا مبدأ يتعلق بسيادة بلادنا وكرامتها الوطنية«.
ولا بد من كلمة هنا، ملخصها انه اذا كان من حق الولايات المتحدة ان تبني ألف جدار داخل الجانب الاميركي من الحدود، فإن من الظلم والافتراء تطبيق نظام »الخاوة« على دولة جارة بهدف الانتقام بأثر رجعي من كل مهاجر مكسيكي غير شرعي، ومن كل كيلو هيروين عبر الحدود نحو اميركا.
من حق المكسيك ان تمتنع عن الدفع والمحاكم الدولية ستحكم لصالحها، لكننا نذكّر الرئيس ترامب ان مشاكل الجدار كثيرة منها تنوع التضاريس التي قد تعيق بناء جدار كامل، حيث يتوقع خبراء ان يتم استعمال كتل خرسانية تشمل فقط نصف الحدود تقريبا.
وفوق ذلك فإن الديمقراطيين يرفضون فكرة الجدار ولا يميلون الى قبول عرض بتنازلات من الجمهوريين في مجال الرعاية الصحية لصالح الحزب الديمقراطي.
ويجب ألا ننسى ان العصابات ومهربي المخدرات والبشر في المكسيك قادرون على فتح ثغرات في الجدار او الحفر تحته، ما يعني مواصلة تهريب المهاجرين والممنوعات الى الولايات المتحدة.
بقلم : مازن حماد