+ A
A -
مدريد- الوطن- زينب بومديان
أعادت حادثة مصرع ثلاثة مهاجرين أفارقة إثر انقلاب قارب مطاطي في البحر المتوسط قبالة سواحل إسبانيا، الأربعاء، الجدل من جديد داخل الأوساط الحقوقية والسياسية الإسبانية حول إمكانية وقف ما سموه «محاولات الانتحار الجماعي»، خاصة مع بداية موسم «الحريك»– عبور المهاجرين غير الشرعيين للبحر المتوسط بواسطة قوارب الصيد- والذي يبدأ من أول أبريل وحتى نهاية سبتمبر من كل عام، وهو الوقت الذي تكون حالة البحر مواتية للعبور من الضفة المغربية نحو سواحل إسبانيا عبر قوارب صيد صغيرة وغالباً ما تكون متهالكة.
من جانبه قال محمدي لخليلي، رئيس جمعية «المهاجرين المتضامنين» بمدينة سبتة (منظمة أهلية) لـ الوطن، إن ثلاثة مهاجرين من دول إفريقيا لقوا مصرعهم في انقلاب قارب في البحر الأبيض المتوسط، قبالة ساحل إسبانيا، الأربعاء، بينهم طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات، وتمكنت البحرية الإسبانية من إنقاذ 30 شخصا آخرين، وهذه الحادثة المتكررة إنما هي دليل فشل السلطات الأمنية الإسبانية ونظيرتها المغربية في وقف أعمال عصابات «الحريك» التي تنشط عادة مع بداية أعياد رأس السنة الميلادية، بسبب ضعف الرقابة الأمنية في الجانبين الإسباني والمغربي في ذلك التوقيت من كل عام، وكذلك مع بداية فصل الربيع، حيث يكون المناخ مواتياً لإبحار زوارق الهجرة غير الشرعية، وتقوم عصابات الحريك بشحن مئات المهاجرين من مختلف الأعمال والجنسيات في قوارب متهالكة وصغيرة لا تتسع إلا لبضعة أفراد، والدفع بهم إلى عرض البحر انطلاقاً من مدن «طنجة، وتطوان، وأصيلة» في شمال المغرب نحو السواحل الإسبانية، وعلى الرغم من توافر المعلومات الكاملة لدى السلطات الإسبانية والمغربية عن تحركات عصابات «الحريك» الموسمية، فإنها فشلت في وقف تدفقات المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط عن طريق العصابات المحترفة، في الوقت الذي تشير فيه الإحصائيات والتقارير الرسمية الصادرة عن البحرية الملكية الإسبانية إلى أن اكثر من 200 مهاجر يغرقون سنوياً في البحر المتوسط أثناء محاولة العبور نحو إسبانيا، كما تم اعتقال أكثر من ألفي شخص في إسبانيا وقرابة الثلاثة آلاف في الجانب المغربي، وهذه الأرقام في الواقع تؤكد فشل جميع الجهود التي بذلها الاتحاد الأوروبي والمغرب من أجل وقف عمليات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، كما تعمدت السلطات الإسبانية التعامل مع المهاجرين بشكل لا إنساني واحتجازهم في معسكرات أشبه بالمعتقلات في مدينتي «سبتة ومليلية» الخاضعتين للسيادة الإسبانية، والواقعتين في الجانب المغربي لأجل غير مسمى دون تقديم أي رعاية من أي نوع لهم أو العمل على تقنين أوضاعهم وفق اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها الحكومة الإسبانية، وقد طالبت العديد من المنظمات الحقوقية في إسبانيا والمغرب من الحكومتين الإسبانية والمغربية سرعة العمل الجدي من أجل وقف معاناة آلاف المهاجرين غير الشرعيين في الجانبين، والبحث عن سبل ناجعة لضمان العيش الكريم لهم ووقف عمليات «الانتحار الجماعي» التي يقومون بها في مواسم معلومة للحكومتين.
نفي إسباني
من جهة أخرى أكد جوردي تورو، مسؤول الاتصال والعلاقات بالجماعة الحضرية لمدينة مليلية، لـ الوطن، أن السلطات الإسبانية في مدينتي «سبتة ومليلية» تبذل قصارى جهدها من أجل توفير حياة كريمة في مخيمات إيواء مزودة بسبل الحياة المثالية، ويتم شمولهم بكل الرعاية المطلوبة لهم، وأن حديث المنظمات الحقوقية في إسبانيا والمغرب حول معاناة المهاجرين لا أساس له، فأغلبه مستند على أقاويل مرسلة لمهاجرين غير شرعيين يتعمدون إثارة الشغب من أجل الإفلات من معسكرات الإيواء نحو أوروبا، وهو أمر تحرص السلطات الإسبانية على عدم حدوثه مهما كانت الضغوط.
ويضيف: إن معسكرات الإيواء في سبتة ومليلية تتوفر على 1220 مهاجر تمكنوا خلال الفترة من أول مارس 2014 وحتى آخر مارس الماضي، من التسلل عبر السياج الحدودي الفاصل بين مدينتي «سبتة ومليلية» والمغرب، وتم احتجازهم بالمعسكرات، فيما تمكن نحو 300 مهاجر من الفرار من المعسكرات نحو أوروبا عبر البحر المتوسط، بينما تسلل إلى داخل الأراضي الإسبانية عبر البحر المتوسط مباشرة انطلاقاً من الأراضي المغربية خلال السنوات الثلاث الماضية أكثر من ثلاثة آلاف مهاجر، وغرق نحو 600 مهاجر أثناء محاولة عبور البحر الأبيض المتوسط، وتبذل البحرية الملكية الإسبانية جهوداً كبيرة لإنقاذ عشرات المهاجرين يومياً خلال موسم الهجرة الذي يبدأ عادة بداية فصل الربيع، والأمر نفسة بالنسبة للبحرية المغربية وقوات تأمين الحدود، لكن عصابات الهجرة غير الشرعية دائماً ما تطور سبلها لمواصلة عملها، رغم الملاحقات الأمنية لها، فقضية الهجرة غير الشرعية وتدفقات المهاجرين عبر «قوارب الموت» إلى أوروبا لا يمكن حلها أمنياً فقط، فالأمر يحتاج إلى حلول سياسية واقتصادية أيضاً، والمغرب طرف أصيل فيها، ويتم التنسيق بشكل مستمر بين الحكومتين الإسبانية والمغربية من أجل ذلك، وربما يتم وقف ظاهرة «هجرة الموت» قريباً.
يذكر أنه مع تشديد المغرب وأوروبا المراقبة على الحدود، استقر الكثير من المهاجرين في المغرب لكن دون وضع قانوني، ما دفع الرباط في مرحلة أولى في 2014 إلى تسوية ملفات أغلبهم بإعطائهم أذونات إقامة، وفي منتصف ديسمبر عام 2016 أطلق المغرب الحملة الثانية لتسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين، وحسب الأرقام الرسمية، فقد أفاد نحو 25 ألف شخص معظمهم من إفريقيا جنوب الصحراء ومن سوريا خلال المرحلة الأولى من التسوية التي أطلقها الملك محمد السادس نهاية العام 2013، ولا يزال هناك أربعة آلاف منهم في وضع غير قانوني، كما أطلقت الحكومة المغربية استراتيجية وطنية لإدماج من تمت تسوية وضعهم القانوني، قائمة على 11 برنامج عمل من أهمها التعليم والصحة والسكن والتشغيل والمساعدة الاجتماعية، ويقدر عدد المهاجرين المقيمين في المغرب بطريقة غير شرعية بأكثر من 30 ألف مهاجر، وتعتزم السلطات المغربية القضاء على ظاهرة الهجرة السرية بشكل نهائي في 2017 عبر دمج المهاجرين، ومحاربة العصابات التي تقوم بتهريبهم وتفكيك المخيمات العشوائية التي يقيمون فيها في مناطق مختلفة من المملكة، بحسب بيان رسمي لوزارة الداخلية المغربية.
copy short url   نسخ
21/04/2017
3168