قدَّمَ قومٌ غريماً لهم إلى الحاكم، فادَّعوا عليه، فقال: صدقوا! إلا أنَّي سألتُهم أن يُؤخروني حتى أبيع عقاري وأدفع لهم، فإنَّ لي مالاً وإبلاً وعقاراً ورقيقاً!
فقالوا: كذبَ، ما يملك من هذا شيئاً، وإنما يُريدُ الهرب!
فقال: أيها القاضي، أثبِتْ شهادتهم بأني مُفلس!
وأُركِبَ على حمارٍ، ونُودي عليه: هذا مفلسٌ، فلا يُعامله أحد إلا بالنقد!
فلمَّا كانَ المساء، وانتهى الطوفان به في أرجاءِ المدينة، قالَ له مُؤجِّرُ الحمير: هاتِ أُجرة الحمار!
فقالَ له: فعلى أي شيءٍ كُنا نُنادي مُنذ الصباح؟!
القصةُ أقربُ إلى الطرافةِ منها لاستخلاصِ الدروسِ والعِبر!
وقد اعتنى الناسُ قديماً وحديثاً في جمعِ أمثالِ هذه القصص في كتبٍ أسموها الطرائف، والإنسانُ بحاجةٍ للابتسامة، والنفسُ تملُّ الجد أحياناً، وقد كانَ أصحابُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يتقاذفون بقشورِ البطيخ، فإذا جدَّ الجد كانوا كالأسودِ شجاعة، وكالجبالِ رسوخاً!
وبما أنَّ اليوم عيد، والفرح فيه من تعظيم شعائر الله، أردتُ شيئاً خفيفاً لطيفاً ظريفاً، وهذه طائفةٌ من طرائف ابتسمتُ حين قرأتها:
- كانَ الرقاشي خارجاً من دارِ الإمارة، فلقيَ أبا نواس، وأرادَ أن يُمازحه فقالَ له: لقد ولاك الخليفة ولاية!
فقالَ له أبو نواس: وعلى ماذا ولاني؟
فقالَ له: ولاك على القردةِ والخنازير!
فقالَ له أبو نواس: إذن، اِسمَعْ وأَطِعْ!
-سألَ رجلٌ الإمامَ الشعبي: هل يجوزُ أن نأخذَ الحصاةَ من المسجد؟
فقالَ له: نعم يجوز.
فقالَ الرجل: زعموا أنها تبقى تصيحُ حتى تُعاد إلى المسجد.
فقالَ له الشعبي: دعها تصيحُ حتى ينشقَّ حلقها.
فقالَ له: ألها حلق؟
فقالَ الشعبي: فمن أين تصيحُ إذاً؟
-قالَ الأصمعي: رأيتُ أعرابياً عند الكعبةِ يدعو: اللهم أمِتْني ميتةَ أبي خارجة.
فقلتُ له: وكيف ماتَ أبو خارجة؟
فقال: أكلَ فامتلأ، وشربَ عصيرَ عنب، ونامَ في الشمس، فماتَ شبعاناً، رياناً، دفياناً!
-دخلَ رجلٌ إلى بيتهِ فوجدَ امرأته على السُّلم، فقالَ لها: أنتِ طالق إذا صعدتِ، وطالق إذا نزلتِ، وطالق إذا بقيتِ مكانكِ!
فألقتْ نفسها على الأرض!
فقالَ لها: جُعِلْتُ فِداكِ، إذا ماتَ الإمامُ مالك احتاجكِ الناس لفتواهم!
-لبسَ الأعمشُ فراءَ خروف، وجعلَ الجلد داخله، والفراء خارجه.
فقالَ له أحد أصحابه: لو جعلتَ الفراءَ داخلكَ كان أدفأ لكَ.
فقالَ له: لو أشرْتَ على الخِراف بهذه النصيحة!
وكُلَّ عامٍ وأنتم بخير
