تحدثنا بالأمس عن فلسطين وسوريا، ونعرج اليوم إلى العراق والأزمة الخليجية ونشير إلى اليمن.
بعد معركة الموصل دخل العراق مرحلة التمرجح بين عروبته التي يسعى إليها على استحياء العبادي والصدر، وبين قطاع إيراني موغل في التزمت.
ربما تكون أحلام كهذه ممكنة في أجواء حقق فيها المذهبيون الكثير من التمدد في الجوار العربي من خلال الاستعانة بعشرات المليشيات الطائفية.
غير أن الشعور السائد بين المثقفين العراقيين بكل طوائفهم يقوم على رفض تحقيق النفوذ الخارجي بالاكراه خاصة في ظل إقصاء السُنة الذين شكلوا بعد الموصل «20» مؤسسة تعمل بنشاط على استعادة تقاسم السلطة بين الأطياف السياسية والمذهبية في العراق.
ليس واضحاً الاتجاه بعد، لكن كل شيء في تقرير مستقبل العراق يعتمد على مدى جدية السعودية ومن ورائها الولايات المتحدة في احتواء هذه الرغبات ووقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية.
أما اليمن فيتنقل بين المفاوضات الفاشلة والعمل العسكري العبثي عدا غارات الإرهابيين من قاعديين ودواعش، وعدا سقوطها في بحر من الكوليرا الذي اجتاح مئات الآلاف ونشر الفقر ووضع البلاد أمام خيارين لا ثالث لهما: الموت والدمار السريعين، أو الحل الفوري ووضع آلية تنفيذ عادلة لرفع المعاناة عن عشرين مليون يمني.
أما ما يجري من تعد وانتهاك تمارسه دول الحصار على قطر، فلا يبدو أن خاتمته قد أصبحت وراء الباب، والسبب معروف للجميع وهو عدم قدرة السعودية وحلفائها على استيعاب ما جرى منذ «5» يونيو.
فالميزان السياسي مال بقوة إلى جانب الدوحة التي اتقنت إدارة الأزمة وأدهشت العالم بصبرها ولجوئها السلمي إلى البحث عن بدائل وقيادات تساعدها في بناء شبكة أمان اقتصادي وسياسي جديد وطويل الأمد.
نقول «طويل الأمد» لأنه لا تبدو على دول الحصار علامات الجهوزية للحل، لأن أي مفاوضات تعقد الآن ستعكس ميزان التفوق المسجل لصالح قطر. كما أن فكرة أن تقطف الدوحة المزيد من الثمار المعززة لاستقلالها وقرارها ورأيها الحر يقلق الرياض وأبوظبي اللتين تقفان عاجزتين عن التصرف.
وفيما ينتظر الوسطاء الفرصة التي لا تبدو آتية قريباً، تبحث قطر عن «رافعات المستقبل» وتحقق نجاحات باهرة.
لم يُحَلَّ شيء إذن.. ما يبيح لنا أن نتوقع أن يكون العام الحالي هو الأسوأ ما لم تحدث مفاجآت ليست في الحسبان. وهي لن تحدث إلا إذا تكاتفت جهود واشنطن وموسكو والقوى المؤثرة في الاقليم كتركيا وإيران والأردن والتركيبتين العراقية والسورية وغيرها، لبدء مشوار الحلول الطويل والمؤلم.
بقلم : مازن حماد