+ A
A -
أسباب كثيرة تقف وراء الدعم الأوروبي للنظام الانقلابي الديكتاتوري الذي يقوده عبد الفتاح السيسي في مصر، من بينها رغبة الغرب الملحة في عدم استعادة الشعوب العربية والإسلامية لاسيما الشعب المصري لإرادتهم وحريتهم وقرارهم في اختيار من يحكمهم لأن ذلك باختصار يعني انتهاء الهيمنة الغربية على أنظمة الحكم في العالم العربي التي استبدلت بالاستعمار المباشر بعد الحرب العالمية الثانية.
كما يعني أن الحصانة التي تمنحها هذه الأنظمة لإسرائيل وأمنها ستصبح في مهب الريح، وأن الفلسطينيين المحاصرين في غزة سيفك عنهم حصارهم، وأن الامتيازات التي تحصل عليها الشركات الغربية سوف تنتهي وتمنح الامتيازات لمن يدفع حقوق الشعب والوطن أولا، وأن التشريعات الزائفة والقوانين الفارغة والقضاء الخادم سوف تنتهي وتتحول المنظومة التشريعية والقضائية إلى خادمة للشعب والوطن وليس للنظام الفاسد، لكن هناك سببين رئيسيين يجعلان أوروبا لاسيما فرنسا وألمانيا ـ المعروفتان بقوة اليمين المسيحي في أروقة الدولة فيهما ـ تدعمان السيسي ونظامه بقوة.
السبب الأول هو أن السيسي في كل رحلاته ووفوده التي يرسلها إلى الدول الأوروبية يحرص على مخاطبة البعد الديني لدي يمين الوسط الحاكم في معظم الدول الأوروبية والذي رغم خلافه العقائدي مع الأقباط في مصر فإنه يهتم بهم مما يدفع السيسي إلى استغلال هذا ليؤكد لهم بأنه ونظامه هو حامي حمى الأقباط وأنه يقيم بالفعل تحالفا تاريخيا الآن بين العسكر والكنيسة القبطية، ولولاه لأريقت دماؤهم في شوارع مصر ولارتكبت ضدهم المجازر من ثم فإن الحفاظ على نظامه ودعمه وغض الطرف عن انتقاده مهما فعل هو أمر حتمي للحفاظ على أقباط مصر، ورغم أن أقباط مصر لم يتعرضوا لأذى في تاريخهم كما تعرضوا خلال سنوات حكم السيسي الذي تحوم حوله وحول نظامه الشبهات أنه وراء الجرائم التي ارتكبت بحقهم حسب فيديوهات ومقالات كثيرة منشورة إلا أن السيسي نجح في إقناع الحكومات الغربية واليمين المؤثر في صناعة السياسة فيها أنه حامي حمى الأقباط وانهيار نظامه يعني نهايتهم في مصر رغم أنهم يعيشون منذ ألف وأربعمائة سنة في كنف الدولة المصرية جنبا إلى جنب إلى جوار إخوانهم المسلمين دون أذى إلا من بعض النزاعات الفردية.
الأمر الثاني هو ما كشفه السيسي بنفسه في حوار مع إذاعة «دوتش لاند فونك» الألمانية نشرته صحيفة «المصريون» يوم الجمعة الماضي قال فيه إن نظامه يحمي مصر من الانهيار وإذا تخلت أوروبا عن دعم نظامه فإن انهياره سوف يؤدي إلى قيام 93 مليون مصري بالهروب واللجوء لأوروبا مثل السوريين وحذر السيسي أوروبا من أن خيارهم ينحصر إما في دعم نظامه أو في انتظار طوفان المصريين. وقال السيسي مخوفا الأوروبيين من رعب المهاجرين «شاهدتم بأنفسكم كيف جاء السوريون وآخرون إلى أوروبا وألمانيا».
إذن فمع كل الأسباب الأخرى وعلى رأسها أكذوبة مكافحة الإرهاب هناك سببان يستخدمهما السيسي بوقاحة وابتزاز ودجل أنه حامي حمى الأقباط في مصر وأن سقوط نظامه يعني أن طوفان المهاجرين سوف يغرق أوروبا ولكن هذه المرة من 93 مليون مصري!!!.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
07/08/2017
4693