+ A
A -

ظاهرة جديرة بالتأمل والتحليل وتتمثل في اختلاف الفهم بين قارئ وآخر لنفس النص أو الجملة وهو أمر يتعلق بالفهم والتأويل وتحليل الخطاب. فكثير من الناس يكتب نصاً أو جملة أو فقرة لكنّ الفهم يختلف ويتباين وقد يصل إلى حدود فهم عكس ما أراد صاحب الخطاب إيصاله من معنى.

يثير هذا المشكل كثيرا من المعضلات المتعلقة بالفهم والتأويل ويؤدي أحياناً إلى كثير من التأويلات الخاطئة وإلى إحراج صاحب الخطاب أو حتى إدانته في بعض الأحيان. منشأ هذا الخلل يتعلق في جزء كبير منه حسب نظرنا من مسألة تقابل سياقين مختلفين تماما وهما سياق القول وسياق القراءة أو الفهم. فالمتكلم يستعمل مصطلحات لوصف حالة أو صياغة فكرة أو التعبير عن موقف يتعلق بسياقه الخاص هو وفهمه هو وإدراكه هو وهو أمر لا يتاح إلا له دون غيره من الناس.

أما السياق المقابل أي سياق المتقبل فإنه يملك هو الآخر سياق القراءة الخاص به والمختلف تماما عن سياق المتكلم أو صاحب الرسالة ومن هنا ينشأ في كثير من الأحيان سوء الفهم وسوء القراءة وتباين التأويل. لكن السؤال الذي يُطرح هنا هو التالي: كيف نفهم إذن القراءة الصائبة من جهة وما هي الأدوات التي تسمح بتفادي سوء الفهم وتقريب السياقات ؟

القراءة الصائبة هي تلك التي تراعي سياق القول، أي سياق الخطاب بشكل كبير فتأخذ في الاعتبار كل خصائص السياق الذي أنتج الجملة أو النص، فتنجح بذلك في تحقيق فهم دقيق لمراد المتكلم. بناء عليه فإن الشرط الأساسي والضروري لتفادي الخلط وسوء الفهم والتأويل إنما يتأسس أولا وقبل كل شيء على مراعاة سياق إنتاج النص فإذا نحن أغفلنا المعطيات الفردية والنفسية والتاريخية والاجتماعية وغيرها من المعطيات التي تحدد سياق إنتاج القول، فإننا لن ننجح في تحقيق الفهم الصحيح والموضوعي للنص والخطاب.

كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي مثلا يكتبون «أنا مسؤول عما أكتب لكنني لست مسؤولا عما تفهم» وهو قول يؤكد ما ذهبنا إليه من توقع هذا الكاتب أن ينحرف تأويل ما يكتبه إلى فهم بعيد عما أراده هو من النص الذي أصدره.

سياق الكلام أهم من الكلام نفسه، وهو الأمر الذي إن هو أخذ بعين الاعتبار قادر على تفادي كثير من مشاكل التأويل وقادر أيضا على فضح الخطابات الشعبوية التي تلوك نفس المقولات في سياقات مختلفة، محاولة بذلك تزييف الفهم وتمرير الأساطير.

copy short url   نسخ
08/06/2023
75