+ A
A -

استقطبت الانتخابات التركية أنظار العالم خلال الأسابيع الماضية، مشرقا ومغربا، واختلفت المواقف منها اختلافا، وتباينت الآراء بين مؤيّد للرئيس التركي وبين معاد له، لكن الرابح الأبرز والفائز الأكبر في هذه الانتخابات إنما هي التجربة الديمقراطية التركية نفسها..

فبغض النظر عن اسم الفائز فإن أهم ما أنجزته تركيا، شعبا وحكومة ومؤسسات، هو ترسيخ المسار الديمقراطي والقطع بشكل شبه نهائي مع فوضى الانقلابات.

يختلف الموقف الغربي عن بقية المواقف بشكل جليّ، لأن الغرب، ممثلا في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يناهض التجربة التركية أولا، وفوز الرئيس أردوغان ثانيا، بسبب ما يشكله ذلك من تهديد للمصالح الغربية.

فأوروبا والولايات المتحدة ترى في تحرر تركيا من القبضة العسكرية شكلا من أشكال نهاية الهيمنة التي فرضتها عليها معاهدة سيفر، ومن بعدها معاهدة لوزان، وجعلت منها فاعلا ثانويا في شمال المتوسط، وهو الأمر الذي يفسر الحملة الإعلامية الشرسة ضد التجربة التركية التي أوصلت التيار المحافظ إلى السلطة.

إن عداء الغرب للتجربة التركية يتطابق مع المصالح الغربية التي ترى فيها تهديدا لحدودها الشرقية ومنطقها التوسعي في حوض المتوسط، بعد أن تحولت أنقرة إلى لاعب أساسي في كثير من الملفات الإقليمية والدولية.

صحيح أن مسارات المنطقة نحو التحرر من العقبات التي تعيق تأسيس منظومات ديمقراطية مدنية لا تزال شاقة، لكنّ بروز النموذج التركي الناجح سيكون له تأثير عميق على مستقبلها.

إن أهم ما حققه الأتراك ليس فوز أردوغان فحسب، بل هو إقرار عملي بأن الديمقراطية الإسلامية تجربة ممكنة متى توافر شرط حرية الاختيار وشرط الوعي الشعبي بهذه الحرية.

copy short url   نسخ
01/06/2023
25