+ A
A -

في كثير من الأحيان نشك في أنفسنا عندما لا تقدر قيمتنا من قبل المحيطين بنا، فيأخذنا الشك إلى غياهب الأحاسيس السلبية والأفكار المحبطة، وقليلاً جداً نشعر بأننا في مكان رفيع حيث يقدرنا الناس من حولنا، ويشعروننا بأهميتنا وقيمتنا، ويهتمون بنا بشكل حقيقي وفعلي.

بيد أن هذا التذبذب، ما بين إحساسنا بقيمتنا حيناً، وغياب هذا الإحساس حيناً آخر يجب ألا يمر مرور الكرام، بل ينبغي أن نوجد حلاً نهائياً لهذا المد والجزر، وإلا أصبحنا ريشة يتقاذفها الناس كيفما يشاؤون، فلا نشعر بالثقة إلا حين يشعروننا هم بذلك، ونفقد احترامنا لأنفسنا بمجرد عدم احترامهم وتقديرهم لنا.

لو رغبت في شراء عبوة ماء بلاستيكية صغيرة من محل في الطريق لوجدت أن سعرها بحدود ريال واحد فقط، ونفس العبوة بنفس المكونات لو أردت شراءها من مطعم لأصبح سعرها 3 ريالات مثلاً، وإن رغبت في شراء العبوة ذاتها من فندق بخمس نجوم لارتفع سعرها ليصل إلى 10 ريالات أو حتى أكثر، مع أنها تحتوي نفس الشيء تماماً.

هذا يعني أنك تشتري قنينة الماء بأسعار متباينة حسب الموقع الذي تشتريها منه. نفس المنتج بنفس المواصفات ونفس العلامة التجارية دون أي تغيير سوى الموقع. وكذلك بالضبط يحدث في حياتنا نحن البشر، حيث تتباين قيمتنا في أعين الآخرين على حسب المكان الذي نتواجد فيه، والأشخاص الذين نحيط أنفسنا بهم.

لهذا كله، عندما تشعر بأنك موجود في مكان لا قيمة لك فيه، أي لا أحد فيه يقدر قيمتك حق قدرها؛ فغير المكان على الفور ولا تبقَ حيث إنت معتقداً أنهم سيدركون قيمتك مع الوقت.

لا تشكك في ذاتك وفي قدراتك وأهميتك، ولا تفقد ثقتك بنفسك لأن بعض الناس لا يعرفون قيمتك الحقيقية، ولا تشك في معدنك الأصيل أو تظن أنك تغيرت لذلك تغيرت قيمتك في عيون الغير، بل فقط قم وغير موقعك في الحال، وغير الأشخاص الذين تحيط نفسك بهم.

فإذا كنت تحيط ذاتك بأشخاص متشائمين محبطين لا غاية لهم في الحياة سوى تثبيط عزائم الآخرين، والسخرية من أحلامك، ووضع العراقيل في وجهك؛ غادرهم على الفور، وابحث عن أشخاص ناجحين إيجابيين، إذا جلست إليهم شعرت بالنشاط والحيوية والرغبة في الإنجاز.

أحط نفسك بأناس يحفزونك لتقديم المزيد، ويشجعونك على طول الطريق المؤدي إلى حيث تريد؛ لأن أمثال هؤلاء يمكن أن يدركوا قيمتك الحقيقية، ويقدروا قيمة أحلامك وأهدافك، ويساعدوك على تحقيقها، أما الأشخاص السلبيون فلا هم لهم سوى جرك إلى الدرك الأسفل حيث يجتمعون كل يوم ليندبوا حظهم العاثر الذي صنعوه بأيديهم، لذلك فهم لن يدركوا قيمتك وقيمة أحلامك العظيمة.

وفي العلاقات العاطفية على وجه التحديد، لا تتغير لأن الشخص المقابل لا يقدر قيمتك، لأننا أحياناً قد نفعل المستحيل لإرضاء الطرف الآخر دون جدوى، فنبدأ في الشك بأنفسنا، وتقل ثقتنا بذواتنا، وندخل في دوامة من الأفكار والمشاعر المدمرة، كون الشخص المقابل لا يقدرنا ولا يقيم وزناً لما نفعله من أجله. لهذا فلا تتغير من أجل أحد، لأن من أحبك فعلاً فسيحبك لذاتك كما أنت دون تغيير.

إذن فالموقع والأشخاص المحيطون بنا هم من يشعروننا بقيمتنا. فإذا شعرت في أي مكان ومع أي أحد بأنك لست محل تقدير، غير المكان وغير الأشخاص دون أدنى تردد؛ لأن المكان الصحيح هو الذي تشعر فيه بأنك محل تقدير واهتمام، والأشخاص المناسبون هم من تشعر معهم بأنك محط إعجاب واحترام.

copy short url   نسخ
29/05/2023
445