+ A
A -
نبيل عمروكاتب فلسطيني

تتردّد الإدارة الأميركية في استقبال رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو منذ فوزه في الانتخابات الأخيرة، وكذلك انتقادات الإدارة للأنشطة الاستيطانية «الاستفزازية» وإظهار الاستياء من اقتحام وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى، أثارت ردود فعل متباينة لدى الأوساط السياسية. فبعضها متخوّف على مكانة إسرائيل في الأولويّات الأميركية، والبعض الآخر يتفهّم الموقف الأميركي، ويحمّل حكومة نتانياهو مسؤولية تراجعه بسبب تورّطها في سياسات داخلية من شأنها تغيير هويّة الدولة وتعميق الانقسام على مستوى الشعب والمؤسّسات، وزيادة جرعة الاستيطان، وهو الأمرالذي ما تزال الإدارة الأميركية متحفّظةً عليه.

غير أنّ الخوف على المكانة في أميركا يظلّ محدوداً وقابلاً للمعالجة إذا ما نُظر لطبيعة وأساس العلاقة بين أميركا والدولة العميقة إسرائيل، وعلى وجه الخصوص مؤسّستها الأمنيّة العسكرية.

من البديهي أن تخاف إسرائيل على مكانتها، ما دام على رأس حكومتها نتانياهو وبن غفير وبتسلئيل سموتريتش وغيرهم من أساطين العنصرية الذين يعتنقون شعار «الموت للعرب» ثابتاً سياسياً وعقائدياً.. وآخر ما حُرّر في هذا المجال هو ظهور انزعاج يصل حدّ الخوف من حصول تطبيع مقبل وقريب جدّاً بين مصر وإيران لِما لهذا التطبيع المكمّل للتطبيع السعودي الإيراني من تأثير إيجابي على المناخ السياسي في المنطقة، إذ سيُغلِق الكثير من الفراغات التي كانت مرتعاً خصباً يمكن اللعب فيه وعليه، ذلك أنّ الاستثمار الإسرائيلي الأكثر ربحاً يتمّ في أجواء التوتّر الشامل التي تعيشها المنطقة وكادت تحوّل إسرائيل من خصم للجميع إلى لاعب مؤثّر بين الجميع، حتى بدا للعديد من دول المنطقة أنّ العلاقة معها صمام أمان ومخرج مضمون من الأزمات الاقتصادية.

خوف إسرائيل على المكانة ليس أساسه إقليمياً ولا دولياً، بل هو محلّي وفلسطيني. فمحليّاً ها هي الدولة التي تاجر زعماؤها كثيراً، بكونها واحة الديمقراطية الخضراء في صحراء الشرق الأوسط، تستقرّ في وضع مناقض تماماً لادّعائها، إذ تتّجه إلى حكم عنصري لا ديمقراطي يرفضه غالبيّة الإسرائيليين، وفلسطينياً تواصل بأشرس الوسائل والأساليب حكم شعب آخر يعدّ بالملايين، والاستيلاء على ممتلكاته، واستباحة حياته، ورعاية أطول وأعمق نكبة عرفتها البشرية، وهو ما اضطرّ الأمم المتحدة إلى الاعتراف بها، وإدانة صانعيها ممّن يجسّدون الاحتلال الوحيد الباقي في القرنين العشرين والحادي والعشرين.القدس الفلسطينية

copy short url   نسخ
29/05/2023
0