+ A
A -
د.أشرف حسين

كيف يقيم الإنسان نفسه؟ هذا هو موضوعنا اليوم، قال تعالى: «بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ»! والمعنى: أن الإنسان وإن حاول أن يجادل أو يماري عن أفعاله وأقواله التي يعلم من نفسه بطلانها أو خطأها، واعتذر عن أخطاء نفسه باعتذارات؛ فهو يعرف تماماً ما قاله وما فعله، ولو حاول أن يستر نفسه أمام الناس، أو يلقي الاعتذارات، فلا أحد أبصر ولا أعرف بما في نفسه من نفسه، وتأمل ـ أيها الحبيب ـ كيف جاء التعبير بقوله: «بصيرة» دون غيرها من الألفاظ؛ لأن البصيرة متضمنة معنى الوضوح والحجة، كما يقال للإنسان: أنت حجة على نفسك!

فعلى الإنسان أن يقيم نفسه، ويحاسب نفسه يوميًا عن الإيجابيات والسلبيات، ويحول السلبيات إلى إيجابيات كل ليلة حتى تنام وأنت مرتاح البال، لا تفكر في الماضي، بل فكر في الحاضر، حاول أن تحقق هدفك، لا تسمع كلام أحد، قد يهبط من عزيمتك، حاول أن تمضي في طريقك، حقق أهدفك، استفاد من تجارب الماضي أمضي وتوكل على الله، سامح الناس، حتى ترتاح البال، وحتى تتفرغ إلى أعمالك، قيم نفسك، اكتب ما عليك من واجبات ؛ حتى لا تنسى شيءًا، وقد أرشد القرآن إلى هذا بقوله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) الحشر/‏18.

وهذه محاسبة النفس، وفيها أثر عمر رضي الله عنه المشهور:

حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا، أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ. رواه ابن أبي الدنيا في «محاسبة النفس»

أفضل انواع التقويم هو التقويم الذاتي ومن أهم معاييره هو الصدق والمصداقية وصريح للغاية لأنه يعتبر وقفة مصارحة من النفس، اعتقد أن الإنسان يحتاج إلى درجة عالية جدًا من الحيادية والصراحة الداخلية ليقدر علي تقييم نفسه وأيما شخص استطاع أن يصل إلي تلك الحيادية ففي رأيي أنه لا معيار لتقييم النفس إلا نسبة رضائه عما يقوم به من أعمال وأفعال، ومعيار التقييم الآخر هو مقدار النجاح والإيجابيات الناتجة عن كل عمل يقوم به وإلا فلن يصبح أهلا لتقييم ذاته.

وأخيرًا يجب على كل إنسان أن يقيم نفسه، ويحاسب نفسه أول بأول، بشرط أن يكون صادقا مع نفسه، ويحول السلبيات إلى إيجابيات، ويتغلب على نفسه، قال تعالى: (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) أي: الفاحشة، وسائرالذنوب، فإنها مركب الشيطان، ومنها يدخل على الإنسان إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي.

copy short url   نسخ
27/05/2023
95