+ A
A -
م. أنس معابرة

ربما قد تستغرب ما أنت مُقدمٌ على قراءته، فالطبيعيّ أن تجد كاتبة معروفة تُسخّر كل طاقاتها من أجل الكتابة ضد الرجل، وأن تكتبَ الروايات التي تجعل من الرجل ذئباً شرساً، وأن تُطلق المواقع الإلكترونية التي تدعو إلى نسيان الرجل وتجاهله، ولكن أن تجد كاتباً يدافع عن المرأة، ويدعو إلى إنصافها فهو الغريب.

ما دفعني لكتابة هذه الكلمات ما أراه من تفرقة بين الرجل والمرأة على الرغم من كافة أشكال المساواة التي يدّعيها البعض، ولستُ أُشير إلى حقوق المرأة التي تطالب بها مؤسسات ذات أجندة دخيلة على عاداتنا وتقاليدنا وديننا الحنيف.

ولكن لماذا يفرّق الرجل في معاملته بين أخته وزوجته؟ فأخته مطلوب منها أن تخدمه حتى يتزوج، وبعدها يصبح هو خادماً مخلصاً لزوجته. وفي اللباس مسموح للرجل أن يلبس ما يشاء وما يشتهي، ولا مانع من جلوسه مكشوف العورة على البحر، ولكن أن يظهر كفيّ المرأة فكفيل بتحرك ذكوريّ سريع.

إن التفرقة بين الرجل والمرأة تبدأ من الأهل و«قانون الرجل» الذي وضعوه باتفاق جميع الأطراف، البنت يجب أن تعود قبل مغيب الشمس، ولكن الشاب قادر على البقاء خارج المنزل لما بعد منتصف الليل، هاتف الفتاة مراقب جيداً، ولكن هاتف الشاب لا يقربه أحد، يتم التغاضي عن جميع علاقات الشاب غير الشرعية، بل نباركها أحياناً، ولكن نظرة أو إبتسامة من الفتاة دون سبب مُقنع من المحرّمات.

وأيضاً من الطبيعي أن تبذل المرأة جهدها في البحث عن كيفية إسعاد زوجها، تتعلم الطبخ التقليدي والحديث، وتختار من الملابس أحدث التصاميم، وتضع من أفضل العطور، وتُبلي جسدها في أعمال المنزل، بينما على الجانب الآخر؛ يرفض الرجل مجرد التفكير في كيفية إسعاد زوجته، ولا يتنازل عن جلوسه في المنزل بالملابس الداخلية، أو أن يأخذ حماماً بين الحين والآخر، أو أن يشذب ذقنه أو أن يضع عطراً، أو حتى الإجتهاد في إحضار ما تحبه كهدية رمزية لها.

وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها المرأة في إسعاد الرجل؛ إلا أنها تجد أن هذا واجبها، فتعمل في صمت، وقد تصلها كلمات الثناء أحياناً، وقد يبخل بها زوجها أحياناً أخرى، ولكن ما إن نقدّم نحن معروفاً إلى زوجاتنا كدعوة إلى العشاء خارج المنزل مثلاً، حتى نسألها كل عشرة دقائق عن شعورها نتيجة العمل الجبّار الذي قمنا به، ولا ننفك نذكرها بتضحياتنا الكبيرة من أجل تلك الأمسية التي لم ولن تتكرر، بالمختصر؛ نحن نمُنٌّ بما نقوم به تجاه زوجاتنا.

إن من أقبح ما نقوم به – خصوصاً أثناء تربية أطفالنا – هو أن نُميّز بين الذكر والأنثى في المعاملة، أن نجعل «قانون الرجل» هو السائد الطاغي في المنزل، والإناث؛ لا قانون لهم، لا حقوق لهم ليطالبوا فيها، وواجباتهم تتلخص في تلبية كل ما يحتاجه الرجل.

لقد دققتُ ناقوس الخطر في المنزل حين وجدتُ ابني يطلب من أخته خدمته، وحين طلبتُ منه الاعتماد على نفسه في تلبية احتياجاته قال: «أنا ولد، وهي بنت»، وكان لازماً عليّ توضيح هذه النقطة للجميع في المنزل، ولن أسمح بتطبيق «قانون الرجل» في بيتي مطلقاً.

تقول الكاتبة الفرنسية فرانسوز جيرو وهي كاتبة وسياسية فرنسية: «إنني أرفض بكل قوة أن هنالك مؤامرة كونية ضد المرأة، وأن هذه المؤامرة هي التي مكنتْ الرجل من أن يجعل المرأة ترسف في الأغلال، أبداً، عقلي يرفض ذلك تماماً، فإن كان هنالك عبودية للمرأة فهي التي وافقت على ذلك، وإن كانت المرأة لا تزال وراء الرجل فلأنها أرادت ذلك.

إن أظافر المرأة قد فتتت الصخر، وإن الجنود الإغريق عندما لم يجدوا حبالاً يشدون بها السفن في حرب طروادة، تقدمتْ النساء وقصصن شعورهنّ ليصنعوا منه الحبال، إن هذه المرأة لو أرادتْ لجعلتْ شعرها حبالاً تشنق به الرجال، ولكنها لا تستطيع لأنها لا تريد».

copy short url   نسخ
27/05/2023
0