+ A
A -
لا سجال في أنَّ شبكة الإنترنت تُعدُ اليوم ثورةً حقيقية قلبت موازين عالم الاتصالات، إذ أصبحت أقوى وسيلة إعلامية عالمية من حيث التأثير حيثُ وصل اليوم عددُ مستخدمي الإنترنت في العالم إلى ما يزيد عن 500 مليون مستخدم، والواجب يحتم علينا نحن المسلمين أن نستفيد من هذه الثورة الإعلامية والاتصالية قبل غيرنا من بني البشر وذلك وبكل بساطة باعتبار عالمية رسالة الإسلام التي نحملها، وباعتبار تكليفنا بإبلاغُها لكل من يحيا على هذه الأرض، وفي المقابل فإنه لا سجال ولا جدال على أنَّ لكل من المساجد والمنتديات العلمية الدينية ومجالس الإفتاء دورها الهائل، بل الحاسم، في صيرورة التجديد في الدين وإدارة ذلك التجديد والتمهيد له بإعداد الشروط والمقدمات الضرورية والكافية، وغني عن البيان أن مسؤولية العلماء، علماء الدين، مسؤولية جسيمة، فخطرها يتصل من حيث النظر والمبدأ على الأقل بالحياة اليومية للمسلمين، كما أنَّ هذا العصر الذي من أهم سماته التخطيط والتخصص والتقنيات الهائلة في سرعة الوصول إلى المعلومة لم يعد يجدي فيهِ كثيراً أسلوب الموعظة على الماشي فلكل عصر وسائله، فإذا كانت العلوم العصرية تجنح إلى التخصص الدقيق، وتعتبره دليلاً على الإتقان، فأجدر بدعاتنا أن يكونوا أتقن الناس لفنهم، وأكثر الناس استجابة لما تتطلبه دعوتهم.

ويجدرُ الحديث في هذا المنحى عن دور الدعوة في زمان التكنوميديا (الدعوة عبر وسائل الإعلام الجديد) فهل يعلمُ الكثير أن المذهب الهدامة والأديان الباطلة وحتى أصحاب الديانات الشرقية من البوذيين والشنتويين والكونفشيوسيين أضف إليهم كذلك الوثنيين في هذا الزمن والملحدين وعبده الشيطان، لهم مئات المواقع في شبكة الإنترنت بلغات العالم الحية والميتة، بما فيها اللغة الصينية وهي لغة أكثر من مليار من البشر، في المقابل لا يوجد لأهل السنة والجماعة إلا مواقع بسيطة تجد أغلبها بجهود فردية ضعيفة، وإمكانيات بدائية قديمة، تجعل الفائدة منها محدودة.

في الحقيقة توجد أمامنا الكثير من الحيل أملاً في مشاركة الجميع الدعوة عبر الإنترنت منها عقد الملتقيات الدعوية والندوات حول مواضيع واهتمامات الدعوة عبر شبكة الإنترنت، وتبادل وجهات النظر حول العمل الدعوي وهو متاح الآن بالصوت والصورة والاستفادة في تقوية برامجنا الدعوية وأطروحاتنا من الأبحاث الإحصائية المتوفرة في الإنترنت، مما يعطي تصوراتنا ومواقفنا قوة وثقلا في الإقناع والتأثير، ومن المهم الإشارة إلى أنَّ من أهم المؤهلات في الدعوة إلى الله بشكل عام هو تحصيل العلم الشرعي الذي به يُبلِّغ العبد مرادَ الله وأحكام دينة بفقة وحكمة ووعي لأحوال المدعوين، كما أنَّ من أهم أسباب الوقاية من شر التكنوميديا العلم بمخاطرة ودواعي الفساد فيه، ومراقبة العبد لربه، ولحال نفسه دائما، بحيث يحسن التقدير إذا تعارضت المصالح والمفاسد.

إنه مما لا شك فيه أن المسلمين حتى الآن لم ينجحوا في استغلال ثورة الإعلام الجديد ووسائل التكنوميديا دعويًا ولم يحققوا الاستغلالَ المطلوب رغم أهمية هذه الشبكة العنكبوتية التي تخترق الحدود والسدود، فالإحصائيات تقول: إن عدد المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت التي تخدم الدين الإسلامي ودعوته ما زالت محدودة العدد وخجولة الانتشار والاضطراد، وإنَّ المواقع التنصيرية في الشبكة تزيد عن المواقع الإسلامية بمعدل 1200%، وإنَّ نصيب المسلمين من الإنترنت حتى الآن ما زال هزيلاً ولا يرقى إلى المستوى المطلوب، وقد أشارت دراسة حديثة إلى أن المنظمات المسيحية هي صاحبة اليد الطولي في الإنترنت؛ إذ تحتل نسبة 62% من المواقع، وبعدها في الترتيب جاءت المنظماتُ اليهودية، في حين تساوى المسلمون مع الهندوس، فلم تزد حصةُ كل منهم على 9% فقط، فيما يلاحظ المتابع الجيد لهذه الثورة المعلوماتية والاتصالية الجديدة يجد مئات المواقع العربية والإسلامية على شبكة الإنترنت، تتخصص في علوم وشؤون الإسلام والقرآنيات والأحاديث الشريفة والدعوة الإسلامية والتاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية، إلى جانب مواقع اللغة والأدب، وهي متعددة وغزيرة فيما تقدمه من معلومات وإرشادات وخدمات فقهية وعلمية، إلا أننا نؤكد أنَّ الدعوة الإسلامية تحتاج إلى أضعاف المواقع الموجودة الآن لكي تستطيع مواجهة جميع التيارات المعادية التي تعمل ضد الإسلام بكل دأب ونشاط، خاصة في زمان التكنوميديا التي وصلت أطراف العالم كله ببعضه البعض ويسرت ما كان عسير.



بقلم : خولة مرتضوي

copy short url   نسخ
01/04/2016
1012