+ A
A -
تناولنا في المقالة السابقة كتاب «العادات السبع للأفراد الغاية في النجاح» للكاتب الأميركي «ستيفن كوفي» وشرحنا ما قصده الكاتب بالعادة الأولى الخاصة «بالاستباقية» وكيف أن الإنسان الناجح لا يكون سلبيا ولا ينتظر أن يكون مجرد متلق للأوامر أو منصاع لما تمليه علية الأقدار. فهو لا يكتفي بردود الأفعال وانما يكون دائما إيجابيا ومبادرا. أما العادة الثانية فهي تتعلق بأن الأفراد الناجحين يبدؤون أي عمل أو مشروع وفي ذهنهم تصور لما يمكن أن ينتهي اليه هذا العمل وذاك المشروع. فهم يركزون على ما يجب أن يحدث وما يجب أن يقوموا به لتحقيق أهدافهم.
العادة الثالثة: يمكن إيجازها في أن الأفراد الناجحين يرتبون أهدافهم ويضعون لنفسهم أولويات. ولذا فهم يدركون أنه من الطبيعي الا يحققوا جميع اهدافهم في نفس الوقت. بل أنهم يعلمون انه من المرغوب أن يتنازلوا عن بعض الأهداف الهامشية من أجل التركيز في تحقيق الأهداف الرئيسية. وهكذا إذا كانت العادة الأولى خاصة «بالاختيار» كونها استباقية والعادة الثانية خاصة «بالرؤية» كون الناجحين يتخيلون ماذا ستكون عليه النهايات؟ فان العادة الثالثة خاصة «بمجال إدارة الوقت» نتيجة لترتيب الأولويات. ومن ثم يمكن القول إن العادة الثالثة تتعلق بإدارة الحياة نفسها. حيث يتم الترتيب حسب مجموعة القيم التي يؤمن بها الفرد شخصيا والتي يعبر عنها من خلال مبادرات الفرد التي تظهر في العادة الأولى. كما يتم تنظيم وإدارة الوقت والأحداث وفقا للأولويات الشخصية والرؤية التي تم وضعها من خلال العادة الثانية.
العادة الرابعة: تتلخص في أن الناجحين يتبعون مبدأ الفوز للجميع أو ما يعرف بحالة الـ ( WIN – WIN SITUATION)
خلافا لما يعتقد الكثير أن الافراد الناجحين يؤمنون بالمنافسة الشرسة وأن الحياة تتسم بالمحصلات الصفرية (أي ان ربح شخص لابد وأن يأتي على حساب خسارة شخص آخر) وأنه لكي يفوزوا لابد وأن يخسر الآخرون أو لكي يحصلوا على قطعة كبيرة من الكعكة لابد وأن يحصل آخرون على قطع أقل حجما، فأن الناجحين عادة ما يرون الحياة باعتبارها ساحة تعاونية، وليست حلبة تنافسية. الفوز هو إطار عقلاني لإنسان يسعى دائما لاستمرار المنفعة المتبادلة في جميع التفاعلات البشرية. الفوز يعني اتفاقات أو حلولا مفيدة للطرفين ومرضية لجميع الأطراف. كما يتميز الشخص الناجح والذي يتعامل مع الصراعات من خلال المعايير والمواقف المربحة للجميع بثلاث سمات حيوية:
النزاهة: التمسك بالقيم والالتزامات الأخلاقية.
النضج: التعبير عن الأفكار والمشاعر بشجاعة مع الأخذ في الاعتبار أفكار ومشاعر الآخرين.
عدم الأنانية والايمان بمبدأ الوفرة: الاعتقاد بأن هناك متسعا للجميع في أن يكسبوا ويربحوا دون خسارة لاحد.
العادة الخامسة: تركز على أن الإنسان الناجح يسعى أولا إلى أن يفهم الآخرون ثم يطلب من الآخرين أن يفهموه.
التواصل هو من أهم مهارات الحياة. ولذا الإنسان الناجح بارع في مقدرته على «الاستماع» للآخرين. فكما ينفق كثير من الوقت في التعلم من خلال القراءة والكتابة وتعلم كيفية الكلام حتى يقنع الآخرين، فهو أيضا ينفق وقتا وجهدا في محاولاته لتعلم الاستماع وأحيانا يتدرب على كيفية الاستماع بغرض أن يفهم الآخرين بالعمق والوعي اللازمين. ولكن لأن معظم الناس يسعون أولا لأن يكونوا مفهومين فقط فهم ليسوا مدربين على الاستماع. هم يستمعون لأجزاء معينة من المحادثة أو يقومون بالتركيز على الكلمات فقط بحيث تفوتهم المعاني ومن ثم لا يفهمون الآخرين. كما يقوم آخرون بتصفية كل ما يسمعون من خلال من خلال تجاربهم الشخصية أو الإطار المرجعي الخاص بهم. أيضا هؤلاء لا يفهمون الآخرين. في بعض الحالات الخاصة فقط، تكون الردود الذاتية مناسبة، مثلا عندما يطلب شخص معين وعلى التحديد المساعدة من وجهة نظرك!! أو عندما يكون هناك بالفعل مستوى عال جدا من الثقة في العلاقة بين الطرفين. فقط في هذه الحالات يكون الاستماع ليس بنفس مستوى أهمية الكلام.
الأسبوع القادم سنعرض للعادتين السادسة والسابعة المتبقيتين مع تعليقنا على الكتاب بمجمله.

بقلم :أ.د. حسن يوسف علي
copy short url   نسخ
14/06/2017
3142