+ A
A -

كلما أهل هلال شهر رمضان تملأ نفوسنا مشاعر روحانية يصعب وصفها، ونحس بأن أشياء تتغير فينا ومن حولنا، وأن أيام وليالي رمضان ليست كسائر الأيام والليالي، ولو لم يكن لشهر رمضان ميزة سوى بدء نزول القرآن فيه لكفاه تكريما وتميزا على سائر الشهور فما بالك وفيه ليلة القدر وهي كما أخبرنا ربنا خير من ألف شهر، ومن أسراره أن الصوم وهو أحد أركان الإسلام له تأثير كبير على الإنسان، فهو يهذب النفوس ويسمو بالأرواح ويعلو إلى درجة الاقتراب من الله.
والصلاة في رمضان لها خشوع وقبول أكثر مما في غيره، وكذلك الصيام فهو جائز في كل أيام السنة تقربا إلى الله وتقليدا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الصيام في أيام رمضان مختلف، والقيام مختلف، وقراءة القرآن والصدقات، وصلة الأرحام.. كل ذلك نجد له تأثيرا مختلفا في رمضان يفوق غيره من الشهور.
ولذلك تمنى الشعراء لو أن كل الشهور رمضان وقال الشاعر:
وهنئت من شهر الصيام بزائر...مناه لو أن الشهر عندك أشهر
وعبر عن ذلك شاعر آخر بقوله:
شهر الصيام أجل شهر مقبل.. وبه يمحص كل ذنب مثقل
وقد توقف الشعراء كثيرا أمام المشاهد والمساجد يقصدها الصائمون وفيها تشعر بالجلال والروحانية ويتجلى صفاء النفوس بالبر والتقوى والتقرب إلى الله فإذا حان وقت الغروب شعرت بجلل رمضان وسطوته وملأ إحساس بأن الملائكة تنزل في هذه اللحظة وأن الله قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه.
وإذا كان علماؤنا قد أفاضوا في الحديث عن الأسرار التي تأتي مع رمضان ويعتبرونه مدرسة للقيم والأخلاق الإسلامية يستزيد منها المسلم كل عام ليجدد طاقته الروحية، فإن علماء الطب يقدمون كل فترة نتائج أبحاث جديدة تكشف الفوائد الصحية للصيام، وفي آخر هذه الأبحاث أن الصوم هو أفضل أسلوب للحصول على الصحة الجيدة وتجديد الشباب، وأيضا يفيد الصوم في علاج بعض الأمراض الجسمية والنفسية وآخر ما تم اكتشافه من أمراض يعالجها الصوم مرض انفصام الشخصية ومرض صعوبة النوم والأرق المزمن.
ومن نتائج هذه الدراسة على الصائمين شعورهم بأنهم في حالة أفضل من الناحيتين الجسمية والنفسية، وتأكد للباحثين أن الصيام يعطي لأجهزة الجسم فترة للراحة ويخلص الجسم من السموم ويقلل نسبة الكولسترول وبذلك يقلل المخاطر من حدوث أزمات قلبية (جلطة أو ذبحة صدرية) كما أن الصيام يزيد الطاقة الجنسية ويزيل التوتر ويزيد من حدة الحواس، ويعالج بعض متاعب وأمراض المعدة والقولون، ويؤدى إلى يقظة الذهن فضلا عن آثار الصيام النفسية التي رصدها الباحثون ومنها أن الصيام ساعد المبحوثين على احترام الذات والثقة بالنفس وأدى إلى تقوية الإرادة والاستعداد للتضحية والتعاطف مع الآخرين.
وفي القرن التاسع عشر كان الأميركيون يصومون لأنهم وجدوا أن الصيام وسيلة جيدة لتنقية الجسم، وفي الوقت الحاضر فإن هناك أميركيين من غير المسلمين يصومون لأسباب ترجع إلى إدراكهم لفوائد الصيام الجسمية والروحية، وبعضهم يصوم كعلاج للاكتئاب أو لخفض الكوليسترول.
بقلم : رجب البنا
copy short url   نسخ
03/06/2017
7670