+ A
A -
في تحد صريح لمشاعر المسلمين حول العالم اجتمع بنيامين نتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية بحكومته يوم الأحد الماضي بجوار حائط البراق للمرة الأولى، وذلك احتفاء بمرور خمسين عاما على احتلال الصهاينة للقدس الشريف، ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تحتل فيها القدس الشريف منذ أن أصبحت أولى القبلتين وثالث الحرمين للمسلمين حيث كانت هدفا للحروب الصليبية على مدى قرنين حيث لعبت خلافات المسلمين وتمزق صفهم دورا في تمكين الحملة الصليبية الأولى من السيطرة على القدس بعد أربعين يوما من حصارها في العام 1099 ورغم نجاح صلاح الدين الأيوبي في تحرير القدس بعد 92 من احتلالها من قبل الصليبين الذين أقاموا بها مملكة بيت المقدس إلا أنهم عادوا بعد أربعين عاما واحتلوها مرة أخرى وظلت هدفا دائما لهم حتى أن قائد الجيش الفرنسي هنري غورو الذي قاد معركة ميسلون الشهيرة ضد السوريين بقيادة يوسف العظمة في 24 يوليو عام 1920 وانتصر عليهم بعد معركة مشرفة للسوريين ومما أدى إلى انتصار الفرنسيين أن غورو كان معه جيش مدرب بالعتاد تسانده الدبابات والطائرات والمدافع الثقيلة وعداده تسعة آلاف مقابل جيش من المتطوعين السوريين لا يزيد عدده عن أربعة آلاف أكدت كل المصادر أنهم أبلوا بلاء حسنا في هذه المعركة التي استشهد فيها قائدها يوسف العظمة لكن الشاهد هو ما قام به الجنرال غورو قائد الجيش الفرنسي حينما دخل دمشق في اليوم التالي وذهب إلى قبر صلاح الدين وقال مقولته الشهيرة «ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين». حدث هذا في الوقت الذي كان البريطاني بلفور قد أعطى وعده لليهود بإقامة وطن لهم في فلسطين، التي كانت تحت الانتداب البريطاني حيث قام البريطانيون بتسليمها لليهود وهم يعرفون قدسيتها لدى المسلمين وقام اليهود باحتلال القدس في 5 يونيو عام 1967، ومن بعدها عملوا على تغيير بنيتها الجغرافية والسكانية في عملية تهويد منظمة، ولم يكن اجتماع نتانياهو مع حكومته يوم الأحد الماضي عند حائط البراق الذي يسميه اليهود حائط المبكى للمرة الأولى في تاريخ احتلال القدس إلا رسالة أشبه ما تكون برسالة الجنرال غور وفى تأكيد السيطرة اليهودية على القدس وتحديدا على المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين عند المسلمين، ويأتي هذا الفعل الصهيوني في وقت تتباري فيه بعض الحكومات العربية في تقديم الدعم للكيان الصهيوني وإقرار جرائمه التي ارتكبها، ومن العجب العجاب أن الفعل الإسرائيلي جاء في ظل وعود من دول عربية لإسرائيل بإقامة علاقات معها دون اعتبار لوضع القدس بل إن بعض الدول تجري مناورات عسكرية مع جيش إسرائيل وتتعاون أمنيا واستخباراتيا معها وهي تحتل المسجد الأقصى وتعبث فيه وتحتفل بذكرى مرور خمسين عاما على احتلاله، والمشهد يعيدنا إلى عصر الدويلات المتطاحنة خلال الحملة الصليبية الأولى وما حدث بعد احتلال القدس والمسجد الأقصى عام 1099 المشهد يتكرر بالأمة الممزقة والحكام الخونة وكأن القدس في العام 2017 تنتظر صلاح الدين الذي كانت تنظره القدس بعد احتلالها في العام 1099.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
30/05/2017
8066