+ A
A -

فرق شاسع بين الناجح والفاشل، يتجلى واضحاً من خلال سير حياة مختلف الناس منذ فجر تاريخ البشرية وحتى يومنا هذا، والتي يمكن أن نطالعها من خلال صفحات التاريخ المليئة بالقصص والأخبار.

تضج الحياة بعظماء الفكر، وجهابذة العلم، ورواد الأعمال، وأباطرة الثراء. وفي الوقت ذاته تكاد تشعر بالتخمة من كثرة من ألقوا بأحلامهم في بئر سحيق، وأضاعوا عمرهم دون أن يحققوا شيئاً يذكر، فمن ينجحون أقل بكثير ممن يفشلون، وهذه حقيقة تثبتها الإحصاءات والأبحاث المختلفة.

لهذا السبب بالذات، ولأن الواقع انعكاس واضح للنجاح والفشل؛ عليك حين تسمع من يقول: «من سار على الدرب وصل»، أن تستوقف نفسك قليلاً لتفكر فيما تدلي به هذه العبارة، وتقرأ ما بين السطور. فالأمر ليس كما يبدو ظاهرياً، بل هناك عمق إذا وصلت إليه في فهمك لمعادلة النجاح، فإنك ستصبح واحداً من رواد النجاح.

عندما نتطلع إلى شخص متفوق وصل إلى القمة، نظن لوهلة أن الأمر هين وبسيط، وبأن بمقدورنا تحقيق ما حققه بسهولة بالغة. وإذا فشلنا في الوصول نبرر نجاحه غيرة منا بأشياء مثل: ظروف مساعدة، أسرة غنية، جينات استثنائية، وغير ذلك من مبررات واهية نعلق عليها شماعة الإخفاق الذي نحن فيه.

لكن إذا تعمقنا بعض الشيء في حياة ذاك الشخص الذي نرمقه بعين الغيرة، كما يحدث حين نطالع سير الناجحين عبر التاريخ؛ نكتشف أن وراء عبارة من سار على الدرب وصل قصة لم يحكها لنا من أدلى بها هكذا. فالأمر ليس بتلك البساطة المتناهية، بل ينطوي على الكثير مما يجب أن نعرفه حتى نضع أنفسنا على الطريق الصحيح الموصل إلى حيث نحلم.

لو كان النجاح في متناول جميع البشر دون أي استثناء، سواء بذل المرء جهداً أم لم يبذل أي جهد يذكر، لكنا جميعنا أثرياء ومخترعين وفنانين مشهورين ورياضيين محترفين. النجاح بالفعل في متناول الكل، لكن فقط إذا توافرت شروط معينة في الشخص، لا لكل من هب ودب؛ لا للكسالى والمتقاعسين عن العمل، ولا لمن يضيع يومه على منصات التواصل الاجتماعية وشتى صنوف المشتتات والملهيات. إن النجاح فقط لفئة محددة من الناس اختار أصحابها أن يكونوا ناجحين، وسعوا من أجل أحلامهم دون هوادة، وضحوا بالغالي والرخيص في سبيل ما ينشدونه.

القصة الكاملة خلف الوصول إلى ما نطمح إليه في هذه الحياة، وصناعة الواقع الذي نأمله؛ هي أن من سار على الدرب لا بد أن تدمي الأشواك قدميه مرة تلو أخرى، ويتعثر على طول الطريق مرات ومرات فيسقط ويتألم، ويشعر في بعض الأحيان برغبة في الاستسلام وعدم النهوض من مكانه. بيد أنه في نهاية المطاف لا يرضخ للأمر الواقع، ولا لأهواء النفس ولحظات الضعف، بل ينهض من جديد ليتابع مشواره ورحلته، متحملاً الطعن والخذلان وخيبات الأمل ومختلف أشكال العراقيل، وهو يكافح ويناضل ويحارب في سبيل أهدافه بإرادة لا تعرف الهزيمة، وعزم لا يلين، بينما يحاربه الآخرون ويضعون في طريقه ألف حجر وحجر، وتتصدى الحياة بين وقت وآخر لمحاولاته كأنما تريد أن تمنعه من الوصول.

من سار على الدرب تقبل الواقع كما هو لا كما يريده، وصبر كثيراً في سبيل تحقيق ما يحلم به ويتمناه، وجابه رياح الحياة العاتية، وأمواج التحديات المتقلبة المتلاطمة؛ متكلاً على الله في كل خطوة يخطوها، وواثقاً بنفسه وبقدرته على بلوغ المكان الذي يصبو إليه.. إلى أن يصل إلى حيث يريد ويطمح. هذه هي القصة الكاملة لمن سار على الدرب، فلا شيء يأتي بالمجان. إذا كنت مستعداً لدفع الثمن، فأهلاً بك على طاولة الناجحين.

copy short url   نسخ
24/04/2023
65