سأقول لكم لماذا الامور تتفاقم ولا تسير باتجاه الحل في اقليمنا. سأقول لكم لماذا الوضع يتدهور اكثر وأكثر، وأن كل الذي يقال وينشر ليس إلا ذرا للرماد في العيون، ومجرد كلام يتردد في النهار ليُمحى في الليل.
ما وفر لي فكرة هذا المقال إعلان منظمة العفو الدولية غير الربحية «آمسنتي» التي اقدرها واحترمها، ان الجيش الاميركي عاجز عن تحديد مكان وجود كميات هائلة من الاسلحة والمعدات العسكرية تتجاوز قيمتها مليار دولار، ارسلت الى العراق خلال السنوات الماضية.
ليس مهما إن وقعت هذه الاسلحة بيد داعش او ايران كما تعتقد «العفو الدولية»، لكن المهم هو فقدان هذا الحجم المهول من الاعتدة الحربية، لكننا نتساءل عن مصير كميات اخرى اكبر ربما تكون قد اختفت ولم تعترف بها واشنطن، على مدى السنوات التي اعقبت الغزو الاميركي البريطاني الكارثي للعراق عام 2003.
تشي هذه الفضيحة باحتمال ان تكون وراء الاستيلاء على هذه المعدات السائبة ميليشيا باعتها او اجزاء منها لتنظيم الدولة او طهران، عدا عن فرضية فقدان كميات اخرى من ذات الحجم أو أكبر طارت من السجلات الاميركية لسبب او آخر.
وعلينا ان نتذكر ان هناك مئات المجموعات والميليشيات المسلحة خاصة الايرانية المذهبية التي يصل عددها الى الستين، حسب مصادر مطلعة، تقاتل في سوريا والعراق خدمة للأهداف التوسعية الايرانية، او تلك التي تنسجم مع رؤى بشار الاسد.
وتنقلنا قضية الاسلحة الاخيرة التي كشف عنها الجيش الاميركي، الى فقدان بوصلة الفساد المستشري في العراق والذي طاول مئات الوزراء وكبار المسؤولين. ورغم لجان وعمليات التعقب الكثيرة، فقد عجز الباحثون عن الحقيقة، عن الإمساك بخيط واحد يؤدي الى فاسد واحد رغم ان نوري المالكي على سبيل المثال هرب اكثر من مليار دولار هو وأبناؤه الى الخارج، ورغم ان وزراء اعترفوا بفاسدهم وتباهوا به.
وكانت محصلة اشتراك معظم السلطة في إخفاء الحقيقة، أن خبا موضوع الفساد وتوقفت عمليات التحقيق مع الفاسدين المعروفين بالاسم. والأنكى ان طهران التي لها نفوذ واضح على حكومة بغداد لم تتدخل لفضح ملف الفساد المعطل لحياة سياسية طبيعية في العراق، بل تغاضت عنه.
أما في سوريا فالامور مشابهة، وإن كانت اقل افتضاحا. فالفساد فن تتقنه حكومات دمشق منذ بدايات حافظ الاسد، ولعل قصة عائلة مخلوف (أخواله) مع الفساد والمفسدين معلومة للجميع، عدا الخاوات والعمولات والرشاوى التي تطال منذ عام 1970 كل صفقة عقدتها حكومات دمشق، بما في ذلك صفقات السلاح والقمح.
يمتد الفساد في سوريا كالشُعب المرجانية ويفتك حتى بالمؤتمرات الدولية المعنية بالحلول السياسية. فهل سمعتم في حياتكم عن مؤتمر جنيف يُعقد ثماني مرات للبحث في قضية واحدة؟ وهل شاهدتم في حياتكم دولة تشظت الى الابد، وما زالت تفكر في جنيف التاسع؟
تباً للضياع والضائعين، وتبا لمن اضاعوا الاوطان عن عمد، ولمن عبثوا بمقدراته وسرقوا خيراته. ويحدث ذلك في اليمن ولبنان وليبيا ودول اخرى.. كان الله في عون العبد، لكن العبد يظن نفسه، هنا، إلها - لا حول ولا قوة إلا بالله - ويتصرف وكأنه صاحب المزرعة والكرباج، أي القاضي والجلاد!
بقلم : مازن حماد