+ A
A -
همومنا الكبيرة سرقت منا دهشة الانبهار بأشيائنا الصغيرة.
قعدة عصرية مع جيرانك على فنجان قهوة، ا، كباية شاي، تنسيك متاعب الدنيا وتفرّج همك، وسهرة مع رفاق في مقهىً أو نادٍ تفعل السحر، وصينية بسبوسة تأخذها للعيال وأم العيال في نهاية الأسبوع، تجمّعكم عالحلوة والمرّة، حضورندوة شعرية أو محاضرة ثقافية ايّاً كان شكلها، يشحن عاطفتك ويجلو الصداً من الذاكرة، خناقة خفيفة مع شريكة العمر على امرٍ تافهٍ.. تجدد الحياة.
كلها اشياء صغيرة صرنا نفتقدها مع ادمان سماع لغو الأخبار، وادمان صفحات التواصل الاجتماعي، والتطور الرهيب في ادوات الاتصال. نحن بحاجة إلى وصفة تعيد خصوبة الأشياء الصغيرة، فنجتهد لسهرة مؤنسة أو أكلةٍ شهية حرمتنا منها وجبات الأكل السريع، أو حتى خناقة «نفشّ» فيها غلّنا.
وهذه حكاية عن أشياء صغيرة ذات دلالات كبيرة سمعتها من مدرسة في مدرسة أولية..
ابراهيم (خمس سنوات) طفل طُلَعة حركته لا تهدأ، ينجذب نحوه زملاؤه، ويحكي لهم حكاياتٍ لا يشاهدونها في برامج الأطفال، أول من يستجيب لطلب المعلمة، لكنه - ومن اسف - لا يحضر معه شطيرةً يقتات به في الفسحة، فكر في حيلة جهنمية: هي مساعدة أولئك المحظوظين، وإضحاكهم لقاء شطيرة يومية.. وقد كان.
تقول المعلمة: انها كانت تفتقد ابراهيم اول من تفتقد من اطفالها.. وفي يومٍ من الأيام غاب ابراهيم واستمر غيابه يوماً آخر، قلقت المعلمة وطلبت من الإدارة الاستفسار عن سبب غيابه، علمت ان والده العامل البسيط فقد عمله فرحل وأسرته بعيداً. وبقيت حالة ابراهيم من الحالات التي لا تغيب عن ذاكرة المربية، ومن الأشياء الصغيرة التي تسرقها منا همومنا الكبيرة!
في تقديري أن الفقر وعدم كفالة المواهب الواعدة والزهور المتفتحة واحتضان اصحابها من اسباب غياب كثير من المواهب، ولو نحّينا جانباً انشغالنا وقلقنا بتقليب الأفكار، لاكتشفنا كثيراً من هذه الهموم والاهتمامات التي تستحق بالفعل القلق والبحث عن وسائل الحل.
بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
26/05/2017
3014