+ A
A -
سلاح الخونة هو أقوى الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل في معاركها ضد العرب والفلسطينيين بشكل خاص، فمعظم أو كل الشهداء الذين سقطوا في قطاع غزة وعلى رأسهم قادة حركة حماس بمن فيهم الشيخ الشهيد أحمد ياسين سقطوا عن طريق الخونة الذين زرعتهم إسرائيل في قطاع غزة بعد خروجها مندحرة من القطاع في العام 2005، ولأن إسرائيل تعتمد على وسائل وتقنيات متطورة فإن هذا مكنها من تحقيق اختراق تمكنت من خلاله من تجنيد عشرات من الفلسطينيين للعمل لحسابها، وهؤلاء لعبوا الدور الأكبر في عمليات الاغتيال التي وقعت، كما كان لهم دور في إرشاد وتوجيه إسرائيل خلال الحروب التي خاضتها ضد القطاع، وآخرها حرب العام 2014، لكن رغم ذلك لم تتمكن إسرائيل من احتلال القطاع، وفشلت كل محاولاتها في التوغل أمام بطولات كتائب الشهيد عز الدين القسام، وباقي الفصائل الجهادية الأخرى والدليل على ذلك هو فشل إسرائيل في اكتشاف أي من الأسلحة التي استخدمتها كتائب القسام في غزة، مثل سلاح الأنفاق أو الطائرات المسيرة أو الضفادع البشرية الذين تمكنوا عبر البحر من الوصول إلى قلب القواعد الإسرائيلية وضرب إسرائيل في القلب وأسر بعض جنودها حتى أن رئيس الأركان الإسرائيلي وصف مقاتلي حماس بالشجعان.
ومع تفاوت القوة والقدرة بين كتائب القسام وبين الإسرائيليين في العتاد العسكري، دخلت حركة حماس في صراع من نوع جديد مع إسرائيل هو صراع أجهزة الاستخبارات، حيث تمكنت إسرائيل عبر عملائها من الوصول إلى أحد قيادات القسام، وهو الأسير المحرر مازن فقها واغتياله.
وقد كانت حماس صريحة في الحديث عن أن اغتيال فقها كانت عملية موجهة للحركة ولكتائب القسام بشكل خاص، ولم تتوان حماس في الإعلان من البداية أن إسرائيل وراء العملية، لكن الذي لم تعلن عنه حماس وعملت من خلاله في صمت هو كيف يمكن لها بإمكاناتها الأمنية البسيطة التي لا تتوازى على الإطلاق مع الإمكانات الأمنية والتقنية الهائلة للموساد الإسرائيلي أن تتعقب خلية الموساد التي اغتالت فقها وخلال فترة وجيزة تمكنت كتائب القسام من الوصول إلى القتلة ومن ثم ليس اكتشاف الخلية التي اغتالت فقها فحسب بل ربما وجهت ضربة قاصمة للموساد الإسرائيلي من خلال اكتشاف شبكة هائلة من الخونة من عملاء الموساد تزيد على أربعين جاسوسا، وبعدما بثت اعترافات لقتلة فقها في مؤتمر صحفي عقد يوم الثلاثاء الماضي تعهدت حماس بمحاكمة القتلة محاكمة ثورية.
إسرائيل من جانبها لم تعلق لأن مثل هذه الضربات للخونة وللجواسيس تكون ضربات موجعة في القلب للموساد، ولنا أن ندرك ذلك من خلال العروض الهائلة التي تقوم بها إسرائيل من أجل الإفراج عن جواسيسها الذين يقبض عليهم مثل الجواسيس الذين سقطوا في مصر أو حتى في الولايات المتحدة من ثم فإن سقوط هذه الشبكة الكبيرة من الجواسيس والعملاء لإسرائيل في غزة يعني هزيمة استخباراتية كبيرة لإسرائيل بحاجة إلى سنين طويلة لإعادة بنائها هذا إن تمكنت من ذلك.
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
18/05/2017
46996