+ A
A -
في أوسع هجوم من نوعه يضرب العالم أصيبت عشرات الآلاف من أجهزة الحاسوب بالشلل التام خلال عطلة نهاية الأسبوع في حوالي مائة دولة بسبب هجوم إلكتروني لفيروس يدعي «الفدية» وكان أول من أعلن عن تلقي الضربة هو عشرات المستشفيات البريطانية التي لم يتمكن العاملون فيها عن الوصول لملفات المرضى، مما يكشف هشاشة الحماية التي تضعها الحكومة البريطانية لأجهزتها- كما أشارت وسائل الأعلام البريطانية- ثم سرعان ما وصلت الضربة إلى دول ومؤسسات أخرى بلغت مائة دولة، ورغم الانتفاضة التي وقعت في كثير من الدول من أجل مزيد من الحصانة الإلكترونية للأجهزة والملفات إلا أنني أعتقد أن ما حدث لم يكن سوى بروفة لحرب يمكن أن تقع في أي لحظة يتم من خلالها إصابة الحياة بالشلل التام في الدول التي ليس لديها حماية كافية وذلك بعدما أصبحت كل الأنظمة في العالم تعتمد على أجهزة الحاسوب والإنترنت في إنجاز معاملاتها، فمع التقدم الهائل في صناعة التكنولوجيا، إلا أن حجم الحماية لا يتناسب مع حجم الإنجاز، لذلك فإن الحماية الإلكترونية بحاجة لمزيد من الجهد ومن غير المستبعد على الإطلاق أن تكون شركات للبرمجيات وليس مجرد أفراد وراء هذه الهجمات من أجل الترويج لأجهزتهم أو برامجهم، فالأمن الإلكتروني هو أحد أهم الصناعات المتقدمة الآن في العالم، ويؤسفني القول إن الجامعات والشركات الإسرائيلية قد قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال وصل إلى حد الهيمنة بنسبة عالية على هذا القطاع، مما مكن إسرائيل من الاختراق أو السيطرة على أنظمة كثير من الدول من خلال تأمين برمجيات الأمن لها ومن بينها دول عربية بعضها لا يقيم علاقات رسمية مع إسرائيل، حيث يتم تسجيل هذه الشركات في أوروبا بأسماء أوروبية، بينما هي شركات إسرائيلية خالصة.
ولعل أخطر ما حدث في عطلة نهاية الأسبوع الماضية يقودنا إلى سيناريو مرعب، لكنه من الممكن أن يحدث في أي لحظة حينما يحدث انقطاع تكنولوجي لعدة أيام في مجالات الطيران أو البنوك أو المستشفيات أو غيرها من مجالات الحياة الحيوية الأخرى التي تستخدم الإنترنت في عملها، فمن الناحية العملية إذا انقطعت الكهرباء من السهل الاعتماد على مولدات بديلة لعدة ساعات أو ليوم أو يومين ولكن ماذا لو انقطعت الاتصالات بالشبكة العنكبوتية، التطبيق كان واضحاً في بريطانيا، حيث لم تستطع عشرات المستشفيات الوصول لملفات المرضى من ثم كانت هناك كارثة، وقد اتصلت على أحد أصدقائي العاملين في أحد المستشفيات البريطانية لأسأله عما فعلوه في مستشفاهم فقال: «إننا مازلنا نعتمد على الملفات الورقية في المستشفى الذي نعمل فيه رغم أنه مستشفى كبير ليس لدينا حتى الآن الثقة الكاملة في النظام الإلكتروني وأعتقد أن ما حدث سيجبر كثيراً من المستشفيات التي تعتمد على الملفات الإلكترونية من العودة مرة أخرى للملفات الورقية للمرضى».
الحرب الإلكترونية هي أحد الحروب المدمرة القادمة التي يمكن أن تحدث شللاً دون دبابات أو طائرات أو مدمرات فأين موقع العرب من هذه الحرب؟

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
16/05/2017
30137