+ A
A -

تتحدّث الأرقام الصادرة من مؤسّسات متخصّصة عن زيادة مضطردة بحجم سوق الأمن السيبراني الدفاعي، بحيث يتجاوز اليوم 15 مليار دولار عالمياً. ومن المتوقّع أن يستمر النمو المتسارع لهذا السوق في السنوات المقبلة، حيث تعمل دول وشركات كبرى عديدة على تعزيز قدراتها في مجال الأمن السيبراني الدفاعي للحفاظ على سرّية البيانات والأنظمة الحيوية وأمانها. ومن المتوقع أن تصل هذه القيمة إلى 28.53 مليار دولار بحلول عام 2026، مسجّلة معدل نمو سنوي يبلغ 10.51 % تقريباً خلال هذه المدة.

تتجاوز قيمة سوق الأمن السيبراني 200 مليار دولار، حيث سيزيد هذا الرقم بشكل كبير في السنوات المقبلة، نظرًا إلى نسبة الزيادة في الهجمات والجرائم السيبرانية وتعقيد الحلول التي تتطلبها حماية الأنظمة والبيانات الحيوية في الشركات والمؤسّسات والحكومات. وهذا يتأتى بسبب الزيادة الحاصلة في عدد الهجمات السيبرانية التي يشهدها العالم، ففي عام 2022 جرى سرقة ما لا يقلّ عن ثلاثة مليارات دولار من العملات المشفّرة، الأمر الذي دفع الدول الكبرى إلى مزيد من الاستثمار في الأمن السيبراني، وإجراء كثير من عمليات البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي من أجل الحصول على تطبيقات جديدة منخفضة التكاليف، ومتعدّدة الاستخدامات عبر السياقات المدنية والعسكرية.

يتوقّع التقرير السنوي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس 2023 (91% من قادة الأعمال والمختصين في القطاع السيبراني) وقوع حدثٍ أمنيٍّ إلكتروني كارثي واسع النطاق خلال العامين المقبلين، بسبب عدم استقرار الوضع الجيوسياسي الناتج عن الحرب الروسية - الأوكرانية، والخلافات التجارية بين أميركا والصين، وهو توقّع مبنيٌّ على الأحداث والاختراقات والكوارث الأمنية في الماضي القريب. ومن جانب آخر، سرعة تطوّر الهجمات والجرائم الإلكترونية التي لم تعد محصورة في نطاق «الهاكرز» لتتحوّل إلى جريمة منظّمة، لا تستهدف الأشخاص العاديين، لكن أهدافها أكبر بكثير، فاقتصاد الجريمة السيبرانية يعدّ اليوم من أكبر الاقتصادات نموا في العالم، وتتوقع أرقام أن تزيد تكاليف أضرار الجرائم الإلكترونية العالمية بنسبة تزيد عن 15 % سنوياً على مدار السنوات القليلة المقبلة، لتصل إلى نحو 10.5 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2025، بعد أن وصلت إلى ثلاثة تريليونات دولار قبل ثماني سنوات.

إنه فضاء سيبراني أعطى مفهوماً جديداً للزمان والمكان، يتمدّد ويتطوّر بشكل سريع ومعقد وربما يتجاوز في بنيته وعناصره الحدود التي تمتد عليها شبكة الإنترنت. ويبقى السؤال المعلّق: أين الأثر العربي من هذا الفيض الرقمي الذي تتدفّق في قنواته وعروقه ونبضاته الكهرومغناطيسية سباقات محمومة لممارسة النفوذ وتحقيق التفوّق والسيطرة؟

copy short url   نسخ
11/04/2023
40