+ A
A -
تدرك موسكو قبل غيرها أن المفاوضات في جنيف بين النظام السوري ومعارضيه سوف تنتهي إلى طريق مسدود، كما تدرك ايضا ان انسداد الطريق هو لإصرارها على بقاء الرئيس السوري، ولهذا فإن التطور الطبيعي للازمة هو استئناف اللجوء للحل العسكري، ومن ثم كان الانسحاب الروسي الجزئي من سوريا هو خطوة صورية، وهذا ما أكده قول الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، إن روسيا أبقت على وجود عسكري كبير في سوريا لدعم نظام الأسد، رغم إعلانها عن «انسحاب جزئي لقواتها»، وأن وقف إطلاق النار «مهدد بالفشل».

أي ان الروس يناورون، والأميركيون يلتزمون موقع المتفرج، ومن ثم فمفاوضات جنيف لا طائل منها في الوقت الراهن، ولن تؤتي أكلها بالسرعة التي يعمل لأجلها «دي ميستورا»، بل يمكن اختزال اهدافها في إرهاق المعارضة السورية، وربما العمل على شق صفوفها، واعادة فرز وتصنيف فصائلها المشاركة، واتخاذ الروس بخبث جنيف منصة لتصفية حساباتهم مع تركيا، من خلال التركيز الروسي المتكرر لإشراك الاكراد كفصيل في هذه المحادثات.

فالقاذفات الاستراتيجية الروسية لا زالت موجودة بمطارات سورية، وأسلحة روسية جديدة يجري تجهيزها، وفي مقابل ذلك فإن اسلحة متقدمة بدأت تصل إلى المعارضة السورية، منها الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف، في محاولة لإرهاق السلاح الجوي السوري والروسي معا، وفض سيادتهما الكاملة على الأجواء السورية، غير ان الروس يراقبون الوضع العسكري، ويبدو أن لديهم خيارات مضادة، لضمان غطاء جوي لحرب برية يشنها النظام وحلفاؤه، غير ان قوات النظام وحلفائه لم تعد تزحف بالسرعة التي كانت تزحف بها، حيث وجهت المعارضة السورية مؤخرا لها ضربات قاسية.

من ذلك فالسؤال الذي يطرح نفسه: وماذا بعد الفشل المتكرر في جنيف؟ وإلى أين تتجه الأزمة السورية؟

بقلم : حبشي رشدي

copy short url   نسخ
29/04/2016
443