+ A
A -
جريدة الوطن
الأناضول | عند التجول بشوارع العاصمة اللبنانية بيروت قبيل موعد الإفطار، ستجذبك رائحة يتداخل فيها طعم السمن والقطر وماء الزهر والقشدة، سرعان ما تدرك أن حلوى "الكلاج" باتت جاهزة.

ترتبط "الكلاج" بشهر رمضان المبارك، نظرا إلى أن محال الحلويات تصنعها فقط خلال هذا الشهر، وتلقى إقبالا واسعا لتناولها بعد الإفطار كونها الصنف المفضل لدى كثيرين.

واعتاد اللبنانيون على شراء "الكلاج" خلال رمضان حيث يستطيب المفطرون طعمها الحلو واللذيذ، عقب تناولهم وجبة الطعام الرئيسية، بعد ساعات طويلة من الصوم.

وفي مشهد يتكرر يوميا خلال الشهر الفضيل، يسارع اللبنانيون لشراء الحلويات مع اقتراب موعد الإفطار، وأصبح هذا جزءا من التقاليد والموروثات الاجتماعية خصوصا لدى سكان بيروت وضواحيها.

وتتكون حلوى "الكلاج" من رقائق العجين مستطيلة الشكل يتم حشوها بقشدة الحليب والسميد وماء الزهر، ثم تقلى بالسمن البلدي وبعد ذلك يجري تغميسها بالقطر.

** رقائق "الكلاج"

يجمع أصحاب محال الحلويات على أن سر هذه الحلوى يكمن في رقائق العجين التي ابتكرها "الحلونجي البيروتي" محمود المكاري، منذ أواخر ستينيات القرن الماضي.

وقبل تلك الفترة، كان هذا النوع من الرقائق يستورد من سوريا، لكن كان يشوبه التفتت (ممزق) والكميات ضئيلة لا تلبي حاجة السوق اللبناني، وهو ما دفع بالمكاري إلى ابتكاره الذي كان السبب في تلقيبه بـ"أبو الكلاج اللبناني".

وليومنا هذا لا يزال مصنع "الكلاج السنابل" في بيروت الذي أسسه المكاري، المصدر الوحيد لـ"ورقة عجين الكلاج" (الرقائق) بالنسبة إلى محال الحلويات في لبنان.

وبقي المكاري متربعا على عرش "مملكة الكلاج" ولم يكشف سرها لأحد، فضلا عن أنه قام بتطوير التقنيات المستخدمة في إعدادها من خلال جلب آلة متطورة من فرنسا في التسعينيات.

وهكذا استطاع المكاري تطوير صناعة الرقائق من الفحم إلى الغاز ثم على البخار وصولا إلى الآلات الكهربائية.

** شهر رمضان

"عندما تقول كلاج يعني حلول شهر رمضان"، هذا ما قاله مصطفى الذهبي (45 عاما)، مدير محلات "الذهبي للحلويات" الشهيرة التي تأسست عام 1951 في بيروت.

وأفاد للأناضول، بأن "هناك ارتباط وثيق بين هذه الحلوى وشهر رمضان المبارك لدى اللبنانيين"، مشيرا إلى أن "أصول هذا النوع من الحلويات تعود إلى مدينة إسطنبول".

لكن مصطفى الذهبي الذي ورث صناعة الحلويات أبا عن جد، أكد أن سر "الكلاج اللبناني" يكمن في رقائق العجين الخاصة التي تصنع منها.

وذكر أنه "في الخمسينيات كان اللبنانيون يستوردون رقائق الكلاج من الشام حيث كانت تصنع هناك أيضا، لكنها كانت مفتتة ونوعيتها غير جيدة، ما انعكس سلبا على جودة الحلوى".

وأردف: "المكاري هو وحده من استطاع صناعة هذا النوع من الرقائق في لبنان بجودة ممتازة، بالرغم من أن آخرين في لبنان حاولوا، لكنهم لم ينجحوا بذلك".

** تأثير التضخم

كما كل السلع والمنتجات في لبنان تأثر سعر رقائق الكلاج بزيادة معدلات التضخم في البلاد بشكل غير مسبوق، حيث ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد منها من 4 إلى 8 دولارات.

أما دزينة الكلاج المقلية الجاهزة للأكل (12 قطعة) فارتفع سعرها من 18 ألف ليرة (نحو 0.16 دولار) إلى مليون ليرة (نحو 9.2 دولارات) منذ 2019، وذلك تأثرا بارتفاع المواد التي تدخل بصناعتها كالغاز والسمن والحليب، جراء هبوط قيمة الليرة من 1500 إلى أكثر من 100 ألف ليرة مقابل الدولار خلال الفترة الماضية.

هذا الواقع جعل كثيرين غير قادرين على شراء هذا الصنف المفضل من الحلويات في رمضان، أو اضطرهم للتقليل من كمياته نظرا للتدهور المعيشي في البلاد وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.

ويأتي هذا الارتفاع الكبير بالأسعار تأثرا بالهبوط غير المسبوق الذي سجلته الليرة اللبنانية مقابل الدولار، على إثر أزمة اقتصادية حادة تعصف بالبلاد منذ 4 سنوات.

copy short url   نسخ
31/03/2023
105