+ A
A -

أجواء رمضانية بامتياز يشهدها ميناء الدوحة القديم الذي يتوافد إليه المواطنون والمقيمون كل ليلة ليعيشوا هذه الأجواء الروحانية المفعمة بعبق الماضي، ويستمتعوا بمظاهر إحياء التراث القديم، حفاظا على الموروث الشعبي الممتد من الزمن الماضي من الاندثار بفعل وسائل التمدن والحداثة التي طغت على كل شيء في الحياة.

الأضواء تزين المكان سواء في الشوارع الفسيحة أو على واجهات المحلات والأكشاك المنتشرة في منطقة الميناء والتي تستقبل الناس في نهار وليل رمضان، ويحتضن ميناء الدوحة القديم عدة فعاليات أهمها، فعالية سوق المينا طوال فترة شهر رمضان والتي تدعم صغار رواد الأعمال والمشاريع المنزلية وبمشاركة العديد من العلامات التجارية، بالاضافة إلى إقامة عدد من الانشطة التي تتناسب مع كافة افراد المجتمع والاسرة بدءاً بمجلس المينا وتنظيم ورش فنية للاطفال كورشة التلوين على الفخار والانشطه الفنية الأخرى، هذا بالاضافة إلى جولات «المسحر» في حي المينا التي تجيء لاحياء الموروث الشعبي والتراثي وأيضا اقامة فعالية القرنقعوه بمنتصف الشهر المبارك مع تواجد الفرق الشعبية وفعالية «وداع رمضان» التي ستستمر خلال الخمسة أيام الاخيرة من الشهر الفضيل، التي تعتبر من الموروث الشعبي وسيتم إحياؤها في ميناء الدوحة القديم لهذا العام.«الوطن » من جانبها قامت بجولة موسعة في منطقة الميناء القديم لترصد بالكلمة والصورة هذه المظاهر الجميلة التي تدخل البهجة والسرور في قلوب الكبار والصغار.

المسحر يجذب الزوار

مهنة المسحر في الزمن الماضي سادت ثم بادت بزحف مظاهر الحداثة، ولكنها الآن عادت في منطقة ميناء الدوحة القديم من خلال مجموعة من شباب قطر قرروا الحفاظ على الطقوس الشعبية من التراث، فمن أهم مظاهر رمضان في منطقة الميناء إحياء هؤلاء الشباب مهنة المسحر لتذكير الأجيال الحالية بعادات موسمية توارثوها من الأجيال السابقة، وحرصا من «الوطن » على المشاركة في إحياء هذه المظاهر الرمضانية التي ميزت مجتمعنا القطري القديم، ننقل مثل هذه الفعاليات حتى لا تندثر وتظل في الذاكرة القطرية، ففي الماضي كان لهذه المهنة نجوم لا يزال الناس يتذكرونهم بالخير، منهم سعد بن عواد وإدريس خيري وراشد الماس وسليم بو حلوم وسعد بن نايم، وكان لكل حي أو فريج مسحر واحد أو أكثر يتجول في الشوارع في النصف أو الثلث الأخير من الليل ويقرع الطبلة ويرافقه الأطفال والأهازيج التي كان يرددها، وهي أهازيج موحدة لدى كل المسحرين ويرددها مسحرو منطقة ميناء الدوحة القديم هذه الأيام، وهم يرتدون الزي التقليدي ويحملون الطبلة المعلقة بالكتف، وقد لاقت هذه الفعالية الجميلة شكرا واستحسانا من رواد منطقة الميناء الذين يثنون على هذا الشباب وفكرتهم الجميلة.

إقبال على الأكلات الشعبية

تزداد مظاهر الاحتفاء بشهر رمضان المبارك بانتشار محلات وأكشاك بيع وإعداد الأكلات الشعبية بأسعار مناسبة وهي الأكلات التي يحرص القطريون على تناولها في رمضان وفي مقدمتها الثريد والهريس والمجبوس والساقو، واللقيمات السمبوسة وغيرها، ففي فترة ما بين العصر والمغرب يتوافد كثير من الأهالي على المنطقة لشراء الهريس والمضروبة واللقيمات والسمبوسة والخنفروش والبلاليط، وغيرها من الأكلات التي تحتل صدارة المائدة الرمضانية في قطر، حتى الثريد والهريس، لا تكتفي بعض الأسر بإعداده في البيوت ولكن يشترونه من المطاعم المتخصصة بإعداد الأكلات الشعبية سواء في منطقة الميناء وفي عدد من الأسواق والمراكز التجارية أو غيره من مختلف الأماكن. فالمشهد اليومي أمام المطاعم التي تتولى إعداد هذه الأكلات يؤكد أن عاداتنا القطرية لن تختفي ولا نخشى عليها من الذوبان في ظل طغيان وانتشار الأكلات الأخرى الواردة من ثقافات مختلفة، سواء مع الوافدين أو مع المستثمرين من دول أجنبية وغربية.

مبدعون في الحرف اليدوية

زيارة الميناء والاستمتاع بالأجواء ومعايشة الطقوس الرمضانية تمنح الزائر طاقة إيجابية، لأنه يعيش أجواء إبداعية، من خلال فنون الحرف التقليدية وممارسة هواية الرسم التي يقدمها فنانون مبدعون، والمحلات المنتشرة في المكان لبيع الملابس المختلفة. يعد المكان معلما سياحيا يجذب إليه المواطنين والوافدين والسياح الزائرين ومنه وإليه تنطلق الرحلات البحرية على متن عدد من اليخوت والفنادق العائمة، وبه جميع المرافق بما في ذلك دورات المياه ومواقف للسيارات وشقق فندقية يتجاوز عددها المائة والخمسين، وأكثر من خمسين مطعما تقدم جميع أنواع الأكلات وعشرات المحلات التجارية التي يفوق عددها المائة.

رائعة الأصالة تفوح من الحرف الشعبية

تنتشر في جنبات الميناء وأروقته محلات وورش لممارسة الحرف التقليدية خاصة المرتبطة بالبحر والبر، وكلها تعكس الثراء والمخزون الثقافي للشعب القطري، ولا يخلو الأمر من بقية المهن كصناعة المدخن حيث يقوم أحد الحرفيين بتقديم عرض حي أمام الجمهور لصناعة المدخن مثل صناعة القاعدة من مادة الصلصال، ومن ثم القطعة التي توضع فيها النار تمهيدا لإطلاق البخور وهي مكسوة بالنحاس أو بأنواع المعادن المناسبة مع الحرص على زخرفتها بأدوات الحفر زخارف تعكس الطابع القطري، والمعروف أنه لا يخلو بيت قطري من أكثر من مدخن بأحجام كبيرة لتعطير المجالس والبيوت بأرقى أنواع العود والبخور خاصة في شهر رمضان، كما يحرص القطريون كذلك على تبخير المساجد وقت الصلاة والمكاتب في مواقع العمل المختلفة، وكذلك تنتشر مجموعة أنشطة بجانب محلات ميناء الدوحة منها الرسم والخزف وهناك إقبال كبير من الأطفال عليها.

copy short url   نسخ
29/03/2023
60